وسط تحذيرات من دخول عمليات البحث والإنقاذ، التي تستهدف الوصول لآلاف المحاصرين تحت الأنقاض بتركيا وسورية، جراء الزلزال الذي ضرب طرفي الحدود، الاثنين الماضي، مرحلة حرجة، تفقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المناطق المنكوبة، متعهدا بالعمل على سرعة إعادة إعمار المساكن والأحياء التي دمرت.

وأعلن الرئيس التركي، خلال تفقده إقليم كهرمان مرعش، مركز الزلزال المدمر الذي يوصف بأنه الأقوى بالمنطقة منذ 100 عام، ارتفاع عدد قتلى الزلزال في تركيا إلى 8574 شخصا، لترتفع معه الحصيلة الإجمالية المؤكدة للوفيات في سورية وتركيا إلى أكثر من 11584.

Ad

وقال إن 49 ألفا و133 شخصا أصيبوا بجروح، وان عدد المباني المدمرة بلغ 6 آلاف و444 في الولايات العشر المتضررة من الزلزال، مضيفا: «حشدنا جميع مواردنا لمواجهة آثار الزلزال، والدولة تعمل بكل إمكاناتها مع البلديات، وخاصة إدارة الكوارث والطوارئ».

ووجه رسالة تطمين إلى المواطنين المتضررين قائلا: «فليطمئن مواطنونا، لا يمكن أن نسمح ببقائهم في العراء»، لافتا إلى إمكانية بقاء المتضررين من الزلازل في فنادق تم التعاقد معها في ولايات أنطاليا ومرسين ومدينة ألانيا القريبة من المنطقة المنكوبة.

وفي وقت تتعرض الحكومة التركية لضغوط متزايدة على منصات التواصل الاجتماعي، بسبب ما يعتبره معارضون استجابة بطيئة إزاء أشد زلزال يضرب البلد منذ نحو قرن، أقر إردوغان بوجود بعض المشاكل في الاستجابة المبدئية للكارثة خاصة في اليوم الأول، لكنه ذكر أن العمليات عادت لطبيعتها، وتعهد بإعادة بناء كهرمان مرعش خلال سنة.

وشدد على أن «هذا وقت الوحدة»، محذرا من الانسياق وراء «التصريحات الاستفزازية»، ودعا المواطنين إلى تلقي المعلومات الرسمية فقط.

في موازاة ذلك، أفادت إدارة الكوارث والطوارئ التركية «أفاد» بمشاركة 96 ألفا و670 شخصا في جهود البحث والإنقاذ، ونصب 50 ألفا و818 خيمة لإيواء الأسر في مناطق الزلزال. ووسط مخاوف من نشاط زلزالي جديد في المنطقة المنكوبة، رصدت إدارة الكوارث والطوارئ التركية وقوع 648 هزة أرضية حتى الآن في أعقاب زلزال الاثنين.

من جانب آخر، علقت بورصة إسطنبول التداولات، اليوم ، لأول مرة منذ عام 1999، بعد عمليات بيع عميقة إثر الزلزال، فيما اتجه مؤشرها إلى أسوأ أداء أسبوعي له منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وجاء ذلك في وقت أشارت وكالة بلومبرغ إلى أن إردوغان، الذي يواجه أحد أصعب السباقات الانتخابية خلال عقدين من حكمه، يسعى إلى إجراء الانتخابات في موعدها المقرر منتصف مايو المقبل، عقب انتهاء حالة الطوارئ التي فرضها في المناطق المنكوبة.

الخوذ ودمشق

على الجانب الآخر من الحدود، حذرت هيئة الخوذ البيضاء، العاملة بمناطق سيطرة المعارضة المسلحة شمال سورية، من أن آلاف المحاصرين ما زالوا تحت الأنقاض، مبينة أن الموارد غير كافية للتعامل مع الكارثة التي حلت بعدة محافظات خاضعة لسيطرة حكومة دمشق أيضا، وذكرت أن عدد القتلى ارتفع إلى أكثر من 1540، وما يزيد على 2600 مصاب، ولا يشمل ذلك الإحصاء المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، وإجمالا عدد الضحايا في سورية نحو 3010.

وبعد تقارير عن توقف معبر «باب الهوى»، الذي يربط مناطق سيطرة المعارضة مع تركيا، ويعد بمنزلة الشريان الرئيسي لها، صرح رئيس هيئة التفاوض السورية بدر جاموس بأن أنقرة سمحت بدخول المساعدات الإنسانية إلى شمالي سورية من 3 معابر حدودية أخرى، هي: باب السلامة والراعي، إضافة للمدخل الرئيسي.

من جهتها، أفادت تقارير سورية رسمية بأن قرابة 300 ألف شخص اضطروا لترك منازلهم بسبب الزلزال الذي ضرب في إدلب وحماة وحلب واللاذقية، وأعلنت محافظة حلب، التابعة للنظام، قرب انتهاء عمليات الإنقاذ وانتشال الضحايا بمدينة حلب، حيث وصل عدد الضحايا إلى 374 قتيلا، وبلغ عدد الجرحى أكثر من 700 شخص، وذكرت المحافظة أن فريقا جزائريا وآخر مصريا يشاركان في عمليات الإنقاذ، وأكدت أنها فتحت 175 مركز إيواء لاستضافة المشردين.

مساعدات وجدل

وفي وقت يخيم الارتباك على الموقف الدولي بشأن كيفية تقديم الإغاثة العاجلة لسورية الخاضعة لعقوبات أميركية بموجب «قانون قيصر» وقيود يفرضها تمسك حكومة دمشق بضرورة مرور أي شحنات عن طريقها، تواصل تدفق المساعدات الإنسانية من الكويت والسعودية والإمارات وقطر وعمان والأردن ومصر والجزائر وتونس وروسيا وإيران باتجاه سورية وتركيا.

وعلى الجانب الغربي، أعرب المستشار الألماني أولاف شولتز عن صدمته من عدد الوفيات والإصابات والدمار، قائلا إن برلين وعدت السلطات التركية بتقديم مساعدة فورية، وأوضح أن «الحاجة كبيرة لمساعدات إنسانية في منطقة الزلزال بسورية»، وأن بلاده تتابع ذلك عن كثب مع الأمم المتحدة.

وفي بروكسل، أعلن مسؤول إدارة الأزمات في المفوضية الأوروبية، يانيز لينارتشيتش، تفعيل حكومة الرئيس بشار الأسد آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي، مضيفا ان «الدول الأعضاء في الاتحاد تعمل لتقديم الدعم العاجل والحيوي لإغاثة المنكوبين».

وفي حين أبدى الاتحاد الأوروبي مرونة باتجاه مساعدة دمشق، شددت وزارة الخارجية الأميركية على أن الولايات المتحدة «تعمل على إيصال المساعدات العاجلة للشعب السوري عبر المؤسسات غير الحكومية لإيصال الإغاثة»، متعهدة بأنها «لن تعرقل تقديم أطراف أخرى المساعدات عبر الحكومة السورية»، وأكدت رفضها «أي علاقة بالحكومة في دمشق».

وأمس ، أكد وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن أن أموال المساعدات «ستذهب بالطبع إلى الشعب السوري وليس إلى النظام». وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية إن المساعدات الإنسانية لا تخضع للعقوبات.