لا تزال قضية المنطاد الصيني، الذي رصدته واشنطن فوق ولاية مونتانا، وهي واحدة من ثلاثة أماكن فقط لمخازن الصواريخ النووية الأميركية، تتفاعل، إذ أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) رصد منطاد صيني ثانٍ فوق أميركا اللاتينية، في حين تتابع السلطات المنطاد الأول لضمان خروجه من الأجواء الأميركية.

وجاء إلغاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارته إلى بكين، وهي الأولى لمسؤول رفيع منذ مدة، ليذكّر بحادثة إسقاط الاتحاد السوفياتي السابق طائرة التجسس الأميركية «يو-2» عام 1960، ما أدى إلى إجهاض قمة كانت مقررة بين الرئيسين الأميركي دوايت آيزنهاور والسوفياتي نيكيتا خروتشوف.

Ad

وحثت الصين، أمس، على «المعالجة الهادئة والمحترفة» للحادث لتجنب حدوث أي سوء تقدير، وعلى الحفاظ على قنوات الاتصال على جميع المستويات مع واشنطن، مؤكدة أنها «لم تنتهك أبداً أراضي ومجال أي دولة ذات سيادة».

وانتقد كبير مسؤولي السياسة الخارجية، إن وانغ يي، «بعض السياسيين ووسائل الإعلام بالولايات المتحدة»، الذين اتهمهم باستخدام الحادث «ذريعةً لمهاجمة بكين وتشويه سمعتها».

وكانت الخارجية الصينية أكدت أن المنطاد خاص بأبحاث مدنية، ويعنى بشكل أساسي بأغراض «الأرصاد الجوية»، وأنه دخل الولايات المتحدة بفعل «قوة قاهرة»، موضحة أنه «تأثر بالرياح الغربية والقدرة المحدودة على التوجيه الذاتي، وانحرف بعيداً عن مساره المخطط له».

ورغم ذلك فإن التقييم الأميركي أشار إلى أن المنطاد يُستخدم لأغراض التجسس، وهو ما ذكره وزير الخارجية بلينكن وعدة مسؤولين أميركيين عسكريين ومدنيين، وقالت «البنتاغون» إن هذا المنطاد لديه القدرة على المناورة وتغيير الاتجاه.

وواصلت السلطات الأميركية تتبع مسار المنطاد، الذي لفتت التوقعات إلى أنه يحلّق على ارتفاع 60 ألف قدم.

وعُقِد اجتماع عسكري الأربعاء الماضي بحضور وزير الدفاع لويد أوستن والجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، ونصح القادة العسكريون بعدم اتخاذ «إجراء حركي» ضد المنطاد بسبب الخطر الذي قد يشكله سقوط حطامه على الناس على الأرض. ويبدو أن الرئيس الأميركي جو بايدن أخذ بهذه التوصية رغم أن الجيش جهز خطة تتضمن استخدام مقاتلة «أف 22» لإسقاط المنطاد في حال صدور أي قرار سياسي بذلك.

وقلل الخبراء العسكريون من أهمية المعلومات الاستخباراتية التي يمكن للمنطاد جمعها، مؤكدين أنه لا يحلق على ارتفاع عال جداً عن مستوى مسار الرحلات الجوية التجارية، وأنه لا يمثل تهديداً عسكرياً أو جسدياً للأشخاص على الأرض.

وقال مسؤولون أميركيون، إنه تم تعقب مناطيد مراقبة مماثلة خلال سنوات عدة ماضية، لكن هذا المنطاد «بدا كأنه ظل في رحلته فترة أطول هذه المرة».

وبغض النظر عن بعض السجالات حول قانونية إسقاط المنطاد، علماً بأن المجال الجوي لأي دولة يمتد حسب الخبراء لعلو 100 ألف قدم، انتقد مشرعون وسياسيون أميركيون تعامل الإدارة مع الحدث، ودعا الرئيس السابق دونالد ترامب الجيش الأميركي لإسقاط المنطاد، وتساءل مشرعون إذا كانت الإدارة تعلم حقاً ما يحمله المنطاد، مثيرين احتمال أن يكون ينقل فيروسات معدية.

وقال مايك راوندز العضو الجمهوري في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إنه سيكون من الجيد استعادة المنطاد لمعرفة «ما إذا كان مصمماً لجمع البيانات بالفعل، أو ما إذا كان مصمماً لاختبار قدراتنا على الرد».

وأثار دين تشينغ كبير مستشاري برنامج الصين في المعهد الأميركي للسلام احتمالاً آخر، معتبراً أن المنطاد قد يكون مجرد «طريقة لاختبار رد فعل الطرف الآخر، ليس بالمعنى العسكري، ولكن من الناحية السياسية».