ستكون المحكمة الدستورية في الثامن من مارس المقبل على موعد لنظر آخر جلسات الطعون الانتخابية المُقامة على سلامة العملية الانتخابية التي أُجريت في 29 سبتمبر الماضي، وبعدها ستحدد موعداً لإصدار أحكامها في جميع الطعون، إما في نهاية مارس أو مطلع أبريل المقبلين.

ومن بين الطعون التي ستفصل فيها المحكمة، الطعن على سلامة العملية الانتخابية، المُقامة على سلامة المراسيم التي سبقت العملية الانتخابية، إما ببطلان مرسوم حل مجلس الأمة، وإما بعدم دستورية مراسيم الضرورة الخاصة بتعديل قوانين الانتخابات والدوائر الانتخابية.

ورجوعاً إلى قانون إنشاء المحكمة الدستورية رقم 14 لسنة 1973 وسوابق المحكمة الدستورية، فإن الأخيرة تملك اختصاص الرقابة على سلامة تلك المراسيم، سواء مراسيم الحل، أو المراسيم بقانون أو الضرورة، لكونها من قبيل الإجراءات الممهدة لسلامة العملية الانتخابية، وهو ما انتهت إليه المحكمة في قضائها ببطلان مرسوم الحل، وبطلان مجلس فبراير 2012، وبطلان الانتخابات وإعادة المجلس المنحل، وهو مجلس 2009، ليُكمل ما تبقى له من مدة، وكأن مرسوم الحل لم يكن.
Ad


كما قضت المحكمة بعدم دستورية المرسوم بقانون بإنشاء اللجنة العليا للانتخابات، وهو التعديل المجرى على قانون الانتخاب، لعدم توافر حال الضرورة في إصداره مما رتب الحكم بعدم الدستورية بطلان الانتخابات المجراة على هذا التعديل، وأدى إلى إعادة الانتخابات وإجرائها على أحكام قانون الانتخاب الحالي.

ونظراً لأن ذات المسألتين اللتين فصلت فيهما المحكمة الدستورية قبل 10 سنوات معروضتان اليوم على المحكمة نفسها بنوعين من الطعون سبق لها أن قضت فيهما، فإن التكهن بوقوع ذات النتائج التي خلصت إليها المحكمة إما ببطلان مرسوم الحل أو بطلان مراسيم الانتخابات متوافر من الناحيتين الواقعية والقانونية، كما هي حال توقع رفضها واستمرار المجلس وسلامة النتائج المعلنة.

إلا أنني أرى أن التعديلات المجراة على قوانين الانتخاب والدوائر الانتخابية تفتقد حالة الضرورة المنصوص عليها في المادة 71 من الدستور، لسببين؛ الأول يخص التعديل المجرى على قانون الانتخاب، إذ أقدم التشريع على تسجيل جميع الناخبين، متجاوزاً حالة الضرورة التي وردت في صلب المذكرة التفسيرية، والتي أرجعت وجودها إلى وقائع التزوير التي حدثت قبل سنوات ولا يمكن حصرها، إلا أن التعديلات على قانون الانتخابات تجاوزت الأسباب التي وردت في المذكرة التفسيرية، الأمر الذي أفقدها مبررات الضرورة، وذلك لشمول التعديل على قانون الانتخاب تعديلات لم يرد ذكرها في المذكرة، مما يُعد تغولاً غير مبرر على سُلطة التشريع.

ولا يمكن القول إن مرسوم تعديل قانون الانتخاب باعتبار الموطن الوارد بالبطاقة المدنية هو مكمل لمرسوم قانون الدوائر الانتخابية بإعادة تقسيم المناطق، لأن حالة الضرورة هي الأخرى غير متوافرة في تعديل قانون الدوائر، وذلك على سند أن إعادة تقسيم المناطق لم تكن سبباً طرأ بعد حل المجلس، علاوة على أنه سبق للحكومة، وتحديداً في عام 2012، أن لجأت إلى المحكمة الدستورية لتشتكي عدم دستورية قانون الدوائر، لعدم ضم ذات المناطق التي أضافتها في مرسوم الضرورة لعام 2022، وهو ما يشير إلى أن هذا السبب ليس جديداً، وقد عرض على ثلاثة مجالس نيابية، هي مجلس 2013 و2016 و2020، ولا يمكن اعتبار هذا التعديل على قانون الدوائر حدثاً طرأ بعد حل المجلس أو مكملاً للسبب بتسجيل كل الناخبين، وهو السبب الذي لم يرد له ذكر في المذكرة الإيضاحية لتعديل قانون الانتخاب، والذي اقتصر على حالات التزوير والتي كان بالمقدور معالجتها تشريعياً، ومن دون توسع!

فيما السبب الثاني الذي قد يُثار، والمتعلق ببطلان مرسوم الحل لعدم أداء حكومة سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد اليمين أمام المجلس، فهي مسألة سبق للمحكمة الدستورية أن فصلت في جزء منها متعلق بعدم اشتراط تلك اليمين، لعدم وجود مجلس عند تشكيلها، ولعدم رقابة المحكمة على أسباب الحل، وقد تصدر المحكمة رأياً متفقاً مع ذلك، أو تعرض رأياً مختلفاً وفق ما تراه من قيود دستورية على شكل مراسيم الحل وتشكيل الحكومة.