• حدثيني عن سنوات نشأتك الأولى، وكيف كانت سبباً فيما بعد لاتجاهك صوب عالم الإبداع الأدبي؟

- الإبداع الأدبي لم يكن بين أولوياتي، لكنني عشت أجواءه منذ نعومة أظفاري، فوالدتي، رحمها الله، كانت جريئة في اتخاذ قرار التخصص بدراسة اللغة العربية في كلية دار العلوم، رغم أنها خريجة مدارس فرنسية، وكانت الإنكليزية اللغة الأجنبية الأولى، والعربية هي اللغة الأجنبية الثانية، لكنها كانت حريصة على الاحتفاظ بهويتها العربية، ونقلت لنا هذا الحرص مع التربية، بالتالي كان الأدب جزءاً لا يتجزأ من اهتمامها بترسيخ الثقافة العربية في وجداني من منطلق الحفاظ على الهوية، وعزز هذه النقطة خالي، رحمه الله، لأنه كان الأول على دفعته بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وعُين في اتحاد الإذاعة والتلفزيون، من ثم انطلقتُ برفقة والدتي وخالي في رحاب القراءة وتذوق الفن والكتابة والسيناريو، كما أن والدي، رحمه الله، كان عاشقاً للرسم والزخارف والموسيقى، وكان يعزف على آلات الكمان والرق والبيانو. وكل هذا أثر في تكوين هويتي الثقافية والإبداعية.

Ad

• ما منطلقاتك العامة في الكتابة، في ضوء القضايا التي تحرصين على تناولها في أعمالك؟

- أنا جزء من نسيج المجتمع المصري والعربي عموماً، وربما أكون محظوظة بأن أطلع على ثقافات متنوعة من خلال عملي في التلفزيون، لكن يظل توجهي الرئيس هو توجه كل المصريين والعرب، ومن زوايا اهتماماتهم ذاتها تكمن كتاباتي، ولا تزال الأسرة تحتل مكانة أساسية في وجدان وتفكير الإنسان العربي، ومن ثم قضايا الأسرة والمجتمع العربي هي مجال اهتمامي.

وأظن أن كل الكُتاب ينطلقون من نفس المصدر، لكن ما يميز كاتباً عن غيره هو المساحة التي سيشغلها في كتاباته، والمدى الذي يمكن أن يصل إليه بأفكاره، وأعتقد أن المدى لديَّ واسع لا حدود له. ربما أنطلق من الأسرة وقضايا المجتمع المصري والعربي، لكن لا حدود عندي في الكتابة، لأنني أؤمن بأن العمل الإبداعي يستشرف المستقبل، ويتنبأ بما هو قادم، ويتوقع ويرى ويفهم وينقد ويحاسب أيضاً، ولا يمكن أن تقوم بعمل كل هذه الأدوار في كتاباتك ما لم تكن مطلعاً ومتطلعاً في نفس الوقت لما هو جديد بلا حدود، أو أن تفكر خارج الصندوق، كما يُقال.

• إلى أي مدى أسهم عملكِ في مجال الإعلام كمعدة برامج تلفزيونية في إثراء جانب الكتابة الإبداعية لديكِ؟

- قد تكون «قهوة الصباح» مجموعتي القصصية الأولى التي خرجت للنور، إلا أنها ليست أولى محاولاتي في الكتابة، التي بدأتها حين كان عمري 11 عاماً، من خلال كتابة الخواطر والشعر الحر، ثم انتقلت بتجاربي إلى القصة القصيرة، ولاحقاً أدركتُ الفارق بينها وبين الرواية القصيرة والرواية الطويلة والعمل المسرحي والسينمائي والإذاعي والتلفزيوني... إلخ، لكن عملي في التلفزيون المصري (ماسبيرو) شكَّل فارقاً كبيراً في تجربتي الإبداعية، كونه المدرسة الكبيرة للإعلام، ما ساعد على صقل مواهبي بالخبرة والتطبيق العملي، فضلاً عن أن عملي داخل مبنى ماسبيرو جعلني ألتقي يومياً أشخاصاً جُدداً، وأتابع أحداثاً متغيرة محلية وعالمية.

• في كل قصص المجموعة دائماً ما تطرحين أسئلة، فهل تبحثين عن إجابات لها، أم تداعبين بها خيال القارئ؟

- لا أبحث عن إجابات، بل أداعب خيال القارئ. أطلب منه أن يتوقف عن اللهث في الحياة، والجلوس باسترخاء لإعادة تقييم رحلته في الحياة، بتساؤل ربما مر بخاطره يوماً ما، ولم يجد إجابة له، أو وجدها ولم يواجه بها نفسه، أو واجه بها نفسه لكن نسيها، أو لم ينسها وبقيت في ذهنه. باختصار أنا لا أكتب لكي يظل القارئ متلقياً تتابع عيناه الحروف والكلمات والمشاعر والصور فقط، بل أكتب لكي أتشارك مع قرائي أفكارهم، حتى إذا لم أسمعها منهم بشكل مباشر، فسأجدها في تفاعلهم مع ما أكتبه، سواء بالمدح أو الذم!

• تحمل قصة «أحلام يقظة» أصداءً من قصص الرومانسية التي غابت عن أقلام مبدعينا في زمن تسوده المادة وتعصف به الأزمات، فهل هذه استراتيجية لخطب ود المتلقي بإبداع بات نادر الوجود راهناً؟

- «أحلام يقظة» ليست القصة الرومانسية الوحيدة في المجموعة، جميع القصص تحمل الطابع الرومانسي، لكن هل غاب هذا النوع من الكتابة بسبب هيمنة المادة على حياتنا حالياً؟ أنا أرى أن الإجابة هي لا، لأن الناس إلى الآن يتأثرون بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة، وكل فتاة تحلم بفتى أحلامها، مثل بطلة القصة، وكل فتى يحلم بفتاة أحلامه. لولا الرومانسية ما كان لنا أن نستمر في تحمل مشقات الحياة وتلقي المزيد من الأزمات. الرومانسية والمشاعر هي التي ترتقي بالإنسان عن الآلة وعن سائر الخلق. تلك وجهة نظري، وربما لهذا السبب تحمل كتاباتي أسئلة في طياتها.

• المجموعة تقع في 58 صفحة فقط، هل يعكس ذلك أزمة الورق وارتفاع أسعاره عالمياً؟

- لم أفكر في أزمة الورق وارتفاع أسعاره، إنما هي مختارات من أعمالي شعرت بأنها تصنع معاً مجموعة قصصية متكاملة، ولم أختم المجموعة بقصة، بل ختمتها بخاطرة من كلماتي التي أدعو القارئ لكي يقرأها بعناية، وأعتقد أن هذا سيكون أسلوبي في التوقيع، أقصد التوقيع بالأفكار. وما دامت الأفكار صيغت بشكل مكتمل بالنسبة لي، فإن العمل سيكون قد اكتمل أيضاً، بغض النظر عن عدد الصفحات. وهناك سبب آخر، هو أنني أنتمي لمدرسة «خير الكلام ما قل ودل».