مرت الذكرى الثانية عشرة لثورة 25 يناير 2011 في مصر، أمس، بهدوء تام، وسط استنفار أمني، فيما توجّهت الأنظار صوب زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للهند.

وشهدت الزيارة لقاء بين السيسي مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وحواراً لإقامة شراكة استراتيجية بتعظيم الاستثمارات الهندية في مصر، والتعاون العسكري بين البلدين، في وقت تبحث القاهرة عن تنويع مصادرها من الاستثمارات الأجنبية لضخّ دماء جديدة في شرايين الاقتصاد الوطني.

وأجرى رئيس الوزراء الهندي والرئيس المصري جلسة مباحثات مغلقة على مستوى القمة بقصر حيدر آباد في نيودلهي، أمس، على هامش زيارة السيسي للهند التي بدأت الثلاثاء، باعتباره ضيف الشرف لـ «يوم الجمهورية».

Ad

وقالت الرئاسة المصرية، إن المباحثات شهدت تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الصُّعد، حيث أشار رئيس الوزراء الهندي إلى تطلّع بلاده لتعزيز الاستثمارات المتبادلة في العديد من القطاعات وتعظيم حجم التبادل التجاري بين البلدين الصديقين من خلال مشاركة الشركات الهندية في تنفيذ المشروعات القومية العملاقة بمصر.

ورحب السيسي بتعظيم التعاون مع الجانب الهندي بمختلف المجالات، في ضوء ما تملكه الدولتان من إمكانات كبيرة تتيح فرصاً متنوعة واعدة للتعاون، خصوصاً على مستوى التعاون العسكري والاقتصادي والتجاري السياحي والثقافي، إلى جانب التعاون في قطاعي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وإنتاج الأدوية والأمصال.

وذكرت وزارة الشؤون الخارجية الهندية، في بيان، أن الجانبين اتخذا قراراً للارتقاء بالعلاقة بين البلدين إلى الشراكة الاستراتيجية التي تغطي المجالات السياسية والأمنية والدفاعية والاقتصادية والطاقة.

وأضاف البيان أن «المباحثات تناولت قضايا تتعلق بالزراعة والمجال الرقمي والثقافة والتجارة، كما تم توقيع 5 اتفاقيات على هامش المحادثات في مجالات مختلفة، لاسيما في مجالات تقنية المعلومات والثقافة والتعاون في الشؤون الشبابية وفي مجال البث».

ونقل البيان عن مودي عقب الاجتماع قوله: «قررنا في إطار الشراكة الاستراتيجية بين الهند ومصر أن نقوم بتطوير إطار طويل الأجل لتعاون أكثر شمولاً في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والعلمية».

ولفت إلى أن الجانبين اتفقا خلال الاجتماع على زيادة تعزيز التعاون وتبادل المعلومات والاستخبارات المتعلقة بمكافحة الإرهاب.

من جانبه، قال السيسي: «ناقشنا مع الجانب الهندي سبل زيادة استثمارات الشركات الهندية في مصر، وتعزيز التعاون في مجال التجارة والاستثمار ومكافحة الإرهاب والتطرف، وزيادة التعاون الدفاعي بين البلدين».

وشارك السيسي في اجتماع موسع مع رؤساء كبريات الشركات الهندية، ورجال الأعمال الهنود، في نيودلهي أمس، موضحاً للمستثمرين الهنود «ما توفره المشروعات العملاقة الجاري تنفيذها في بلاده من فرص استثمارية متنوعة، وفي مقدّمتها محور تنمية منطقة قناة السويس، الذي يتضمن عدداً من المناطق الصناعية واللوجستية الكبرى، وهو ما يوفّر فرصاً واعدة للشركات الهندية الراغبة في الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي، كمركز للإنتاج وإعادة تصدير المنتجات إلى مختلف دول العالم، التي تربطنا بالعديد منها اتفاقيات للتجارة الحرة، لاسيما في المنطقتين العربية والإفريقية».

وعلّق وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد العرابي، على زيارة الرئيس السيسي إلى الهند، قائلاً، إنها «تمثّل ارتقاء بالعلاقات بين البلدين، فالهند دولة صاعدة في العديد من المجالات الكثيرة، ولها دور إقليمي متميز في منطقة جنوب آسيا، ومصر دولة إقليمية رئيسية في الشرق الأوسط، فالزيارة استعادة لحيوية العلاقة بين البلدين لما لها من تاريخ عريق منذ حركة عدم الانحياز والعلاقات بين الزعيمين عبدالناصر ونهرو».

وتابع العرابي: «كانت زيارة وزير الخارجية الهندي الخاصة لمصر، منذ 3 أشهر، بداية هذا المسار لتنمية العلاقات، الذي يشهد ذروته حالياً بمشاركة الرئيس السيسي في مناسبة مهمة وخاصة للهند»، ورفض العرابي الربط بين المساعي المصرية لتعزيز العلاقات مع الهند، وأي توتر في العلاقات المصرية مع دول بعينها، قائلاً: «مصر لها علاقات متوازنة مع كل الدول، بما فيها الدول الكبرى، في إطار سياسة حكيمة تنتهجها القاهرة، وهي التوازن في العلاقات الخارجية».