وسط ردود أفعال واسعة أثارها مانشيت «الجريدة» أمس «لا جلسات حتى صدور حكم الدستورية»، ثارت مطالبات نيابية للحكومة بالتعليق على الخبر، مع تصاعد أزمة السلطتين، التي تجلى أحد ملامحها في تأكيد النائبين مبارك الحجرف وجنان بوشهري مقدمَي استجوابَي وزيرَي المالية عبدالوهاب الرشيد، والدولة لشؤون مجلس الوزراء براك الشيتان، عدم وجود أي نية لسحب هذين الاستجوابين، في وقت جددت اللجنة المالية تأكيدها عدم سحب تقاريرها ما لم تقدم الحكومة التعهدات المطلوبة، ليستمر التصعيد النيابي ضد الحكومة، مما يرجح وضعها استقالتها رسمياً اليوم تحت تصرف القيادة السياسية وتعليق جلسات مجلس الأمة.

وبينما أكدت بوشهري أنه «لا تراجع عن استجواب الشيتان، وعلى الحكومة التعامل مع جلسة الثلاثاء وفق الأطر الدستورية»، رفض الحجرف تأجيل استجواب الرشيد أو سحبه، مبيناً أنه لن يقبل بخلط الأوراق، وسيواصل دوره بشفافية.

وصرح الحجرف، أمس، بأنه لن يقبل إلا بصعود الوزير المنصة، وتفنيد المحاور، مؤكداً أنه «لا سحب ولا تأجيل للاستجواب الذي استنفد مدته الدستورية، ولسنا ممن يُشترط عليهم سحب الاستجوابات، بل يشترطون على غيرنا».
Ad


وخاطب الحجرف رئيس مجلس الوزراء: «أنت أمام استحقاق دستوري وجدول أعمال، فإما أن تحضر الجلسات وتتحمل مسؤولياتك الدستورية والسياسية أو تقدم استقالتك إذا لم تكن قادراً».

وفي السياق، رهن رئيس اللجنة المالية النائب شعيب المويزري سحب تقريرها الخاص بشراء القروض بتقديم الحكومة رسمياً بدائل عادلة يقبلها الشعب الكويتي.

وقال المويزري، في تغريدة على حسابه بـ «تويتر»، إن البدائل تتمثل في زيادة الرواتب ومعاشات المتقاعدين والمساعدات الاجتماعية للكويتيات المطلقات والأرامل وإلغاء فوائد الاستبدال الفاحشة، مضيفاً: «عندها نسحب تقرير شراء القروض، وبغير ذلك لا يمكن سحب التقرير».

من جهته، وبينما طالب مقرر اللجنة النائب صالح عاشور الحكومة بحضور الجلسة المقرر عقدها غداً كمؤشر للتعاون مع مجلس الأمة، من دون وضع أي شروط عليه، قال النائب محمد هايف إن الموضوعات المعروضة على جدول الأعمال يمكن تعديلها من خلال التشاور واللقاءات المشتركة بين السلطتين، معتبراً أن الانغلاق الحكومي والعمل المنفرد ليسا عملاً سياسياً سليماً.

وطالب هايف، في تصريح أمس، الحكومة «بنضج أكثر في التعامل مع النواب»، مضيفاً: «رغم سوء الكثير من الحكومات السابقة فإنها كانت أكثر تفاعلاً مع النواب وهذا ما لم نلمسه في الحكومة الحالية».

من ناحيته، ذكر النائب سعود العصفور: «إذا صحت أنباء أنه لا جلسات حتى صدور حكم الدستورية، فسيتحمل رئيس مجلس الوزراء مسؤولية تعمد تعطيل عمل المجلس، والتخلي عن واجباته الدستورية».

في تفاصيل الخبر:

أكد النائب مبارك الحجرف رفضه تأجيل أو سحب الاستجواب المقدم منه إلى وزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار عبدالوهاب الرشيد، مبينا أنه لن يقبل بخلط الأوراق وسيواصل دوره بشفافية.

وقال الحجرف في تصريح صحافي بمجلس الأمة إنه لن يقبل إلا بصعود الوزير المنصة، وتفنيد محاور الاستجواب، وكشف الحقائق للشعب الكويتي عما تم ارتكابه من جرائم بحق المال العام والاستثمارات وحقوق المشتركين في التأمينات الاجتماعية من المتقاعدين.

وأضاف أن الحكومة لا تملي عليه إطلاقا سحب الاستجواب لحضور الجلسة، وهو أمر مرفوض، مبينا أن المسائل إذا لم تحل بشكل ودي، فإن منصة الاستجواب ستكون لوزير المالية وغيره. وتابع: «لا سحب ولا تأجيل للاستجواب الذي استنفد مدته الدستورية، ولسنا ممن يشترط عليهم سحب الاستجوابات، بل يشترطون على غيرنا، نحن مؤتمنون، وأقسمنا بالذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله».

وقال الحجرف انه متفهم لموقف وزير المالية ومحاولاته خلط الأوراق من خلال وسائل التواصل والصحف، مبينا أنه لن يقبل بخلط الأوراق وسيواصل دوره بشفافية، متمنياً من وزير المالية صعود المنصة حتى يعلم الشعب الكويتي ممارسات الوزير السيئة وعجزه عن القيام بمهامه الوزارية لحماية المال العام والاستثمارات الكويتية في الخارج والداخل.

واعتبر أن عدم حضور الحكومة الجلسة الماضية التي كان من المفترض أن تناقش قانون القروض والقضايا الشعبية وتمثيل الحكومة بوزيرين وانسحابهما من الجلسة أمر غير مقبول.

وأوضح أن عدم حضور الجلسات سابقة خطيرة في تاريخ سمو رئيس مجلس الوزراء السياسي، مبينا أن ترتيب البيت الوزاري واختيار الفريق الحكومي هو ما يجلب الاستقرار السياسي.

وقال مخاطبا سمو رئيس مجلس الوزراء: أنت أمام استحقاق دستوري وجدول أعمال، فإما أن تحضر الجلسات وتتحمل مسؤولياتك الدستورية والسياسية أو تقدم استقالتك إذا لم تكن قادرا، وهناك من هم قادرون على إدارة البلد.

ولفت إلى رفضه أن يتم التعامل بأسلوب (أطفال سياسة)، مبينا أن سياسة الهروب لا ينتهجها السياسي الناضج، ولا يقبلها أي مواطن كويتي. وقال الحجرف: أذكّر سمو رئيس مجلس الوزراء بالكلمة التي ألقاها في الخطاب الأميري، وحرص فيها على إعادة ترميم العلاقة التي انتهكت بين المجلس والحكومة في المرحلة الماضية، متسائلا: هل عدم حضوركم الجلسة الماضية نوع من التعاون؟ وهل ما يقوم به الوزيران براك الشيتان وعبدالوهاب الرشيد منسجم مع التعاون؟

وأضاف أن مشكلة رئيس الوزراء ليست مع مجلس الأمة، بل مع حكومته ووزرائه وكيفية اختياره وزراءه، مؤكدا أن الوزراء يجب أن يكونوا منسجمين مع الخطاب الأميري الذي نطق به «ولكن ما نراه يخالف المأمول».

واستطرد الحجرف: من أشار عليك بعدم حضور الجلسة لم يشر عليك بخير، لكن الأدهى والأمرّ من يحرّضك على عدم حضور الجلسة المقبلة، وهي جلسة الاستجوابات والاستحقاقات الشعبية إلى حين صدور حكم المحكمة الدستورية، فهو يقودك إلى مرحلة الإعدام السياسي. وأكد الحجرف أن عدم حضور الجلسات المقبلة هو مفترق طرق بين المجلس والحكومة، مبينا أن «الهروب هو وسيلة كل ضعيف، والرجل القوي لا يهرب، بل يواجه مصيره بحلوه ومره، ويقول هذا أقدر عليه وهذا لا أقدر».

حضور الجلسة

من جهته، طالب مقرر اللجنة المالية النائب صالح عاشور الحكومة بضرورة حضور الجلسة المقرر عقدها غدا كمؤشر للتعاون بين الحكومة والمجلس، من دون وضع أي شروط على مجلس الأمة.

وقال عاشور، في تصريح أمس، إن غالبية الشعب الكويتي يعقدون آمالا كبيرة على رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد وحكومته، وإن لدى سموه دعما غير محدود من الشعب ومن مجلس الأمة، ويفترض أن يلمس التطوير والتنمية والإنجاز في عهده.

واعتبر أن عدم تعهّد رئيس مجلس الوزراء بزيادة الرواتب ومعاشات المتقاعدين والمساعدات الاجتماعية وإلغاء الفوائد غير القانونية لا يعني سحب هذه المواضيع من جدول أعمال المجلس.

وأكد أن هذه القوانين ستتم مناقشتها، وهناك مجال للتعاون وإقرار بعض هذه القوانين التي تصب في المصلحة العامة وتنسجم مع التوجه الحكومي الوارد في برنامج عمل الحكومة.

ورأى أن عدم التزام الوزراء بالصعود إلى منصة الاستجوابات المقدّمة لهم مخالف لأبسط القواعد الدستورية، مبينا أن الوزير الواثق بعمله يصعد إلى المنصة ويفنّد محاور الاستجواب، ومن لا يملك القدرة على المواجهة وتفنيد المحاور، فعليه الاستقالة. وفي السياق ذاته، قال النائب محمد هايف، إن الموضوعات المعروضة على جدول الأعمال يمكن تعديلها من خلال التشاور واللقاءات المشتركة بين السلطتين، معتبراً أن الانغلاق الحكومي والعمل المنفرد ليسا عملاً سياسياً سليماً.

وطالب هايف في تصريح أمس الحكومة «بنضج أكثر في التعامل مع النواب»، مضيفا: «رغم سوء الكثير من الحكومات السابقة، فإنها كانت أكثر تفاعلا مع النواب وهذا ما لم نلمسه في الحكومة الحالية».

وبشأن القروض، رأى هايف أن هذا الموضوع ليس محصورا بقانون واحد، فهناك أكثر من قانون معروض على المجلس، موضحا أن العنصر المفقود في معالجة هذه القوانين واستقرار رأي النواب فيها عدم التواصل الحكومي من خلال الزيارات والاجتماعات والالتقاء بالكتل النيابية والنواب والتشاور، «باعتباره العمل السياسي الذي نعرفه منذ سنوات».

وشدد على أن «الانغلاق والانزواء بزاوية والتخاطب من خلال الإعلام وعدم النقاش والتشاور لا يمت للعمل السياسي بصلة، لاسيما أن الحكومة لا يمكن أن تعمل بمفردها، وكذلك المجلس».

أسوأ من تأجيل الاستجوابات

بدوره، قال النائب محمد المطير: «من صاغ خبر (لا جلسات حتى صدور حكم الدستورية)» أو من سيتبنى هذا التوجه، قطعا لا يتمتع بالحد الأدنى من المنطق، لأن هذا التوجه أسوأ من تأجيل الاستجوابات المزمع تقديمها، وسيدخل البلد في نفق مظلم لا أحد يتمناه».

من ناحيته، ذكر النائب سعود العصفور: «إذا صحت الأنباء عن هذا التوجه - من دون استقالة - لدى الحكومة، فسيتحمل رئيس مجلس الوزراء مسؤولية تعمد تعطيل عمل مجلس الأمة، والتخلي عن واجباته الدستورية».

من جهته، قال النائب فيصل الكندري: «ندعو الحكومة لحضور جلسة الغد لأهميتها للشعب الكويتي، واقرار القوانين الموجودة على جدول الأعمال». وذكر النائب د. عبدالكريم الكندري أن «مسؤولية ما يتناقله الإعلام عن الحكومة يقع على عاتقها، تنفيه أو تؤكده وتتحمل تبعاته، ومسؤوليتنا ألا نسمح بأي تجاوز دستوري».

وأفاد النائب شعيب شعبان بأنه «كلما زاد التأخر الحكومي في الرد على هكذا أخبار، اهتزت ثقة الناس بالحكومة، وبعيدا عن صحة الخبر من عدمه، فإننا مستمرون في التعامل مع أي أزمة وفق الدستور واللائحة، ولن نحيد عنهما، مهما كلّف الثمن».
ضرورة استكمال ملف العفو


في تصريح له أمس، أعرب النائب مبارك الحجرف عن شكره لسمو أمير البلاد على المكرمة السامية بالعفو عن مجموعة من المواطنين، مشددا على ضرورة استكمال ملف العفو والمصالحة الوطنية والنأي بما يصدر عن المقام السامي عن أي متاجرة سياسية.

وبين أن ملف العفو ليس ملفا جديدا، مبينا أنه كان أحد مقدمي اقتراح بقانون بشأن العفو الشامل منذ مجلس 2016 وأعاد تقديمه في مجلس 2020 وكذلك تقدم به مع 31 نائبا في المجلس الحالي، مضيفا: وبعد جلوسي مع رئيس الوزراء أبلغني أن هناك رغبة حقيقية من القيادة السياسية في طي هذا الملف وملف المصالحة الوطنية، ولذلك آثرنا التعاون وسكتنا في الفترة الماضية حتى يطوى هذا الملف بشكل عام.

وأكد الحجرف أن هذا الملف لم يطو بالكامل بعد ومازال منتقصا، مطالبا بأن يطوى الملف بشكل عام حتى تذهب الحقبة التي حصلت فيها هذه المشاكل بالكامل، «وطالما أننا نتحدث عن عهد جديد فيجب أن يذهب ما مضى بكل ما فيه».

وبين الحجرف أن هناك أسرا كويتية تطمح إلى العفو عن أبنائها سواء من هم خارج الكويت من أمثال الشاب عبدالرحمن طالب العجمي أو من هم في السجون ومنهم المسجونون في تشاورية قبيلة شمر، مشددا على أن هذه الملفات يجب أن تطوى ولا تترك للأهواء السياسية.

وسجل اعتراضه على آلية تعامل لجنة العفو ورئيسها مع هذا الملف، وقال: أسجل تحفظي عن تعامل لجنة العفو ورئيسها خصوصا أنها رغبة سامية، وأن مرسوم العفو صدر في شهر نوفمبر الماضي، مشددا على أن المكرمة الأميرية السامية يجب ألا تقبل التجزئة أو المساومة.

كما شدد على ضرورة النأي بالمقام السامي وما يصدر عنه عن أي متاجرة سياسية، مشيرا إلى أن الجميع يعلم ما حصل في هذا الملف في الآونة الأخيرة، ولكن نريد أن يطوى الملف جملة وتفصيلا.