كتبنا متفائلين ومستبشرين بأن عجلة تعديل مسار التعليم قد بدأت بالدوران، للارتقاء بمخرجاته إلى مصاف الدول المتقدمة علماً وتعليماً، ولكن خيب أملنا تقرير صدر حديثاً عن تسيب وغياب وتردي مخرجات، ومنح عطل لأتفه الأسباب، آخرها منح عطلة قبل يوم من توقع هطول أمطار قيل إنها ستكون غزيرة، فيا ليتها فعلت، فالدول الصحراوية مثلنا تستبشر بها، وربعنا «يخرعون» عيالنا منها.

ما أثار الإحباط تقرير صادم ذكر فيه أن هناك حوالي 30 ألف موظف من وزارة التربية حصلوا على قرار تخفيف العمل عنهم، بنسبة تتجاوز 22%، وأن هناك من أخذ إجازات سنوية طويلة مع استمرار مزاياهم المالية والوظيفية، منهم 2200 حالة في منطقة تعليمية واحدة، رغم معاناة عدة مدارس من نقص معلمين بمواد كثيرة.

وهناك تقرير دولي ذكر أن معدل عدد الأيام الدراسية الفعلية في الكويت هي 174، مقابل معدل عالمي يتراوح بين 185 و200 يوم في السنة، فهي الأدنى على مستوى العالم بسبب طول العطلة الصيفية، وكثرة الإجازات الطبية لسهولة الحصول عليها، والعطل المناخية المفاجئة، تقابلها مخرجات تعليمية أيضاً هي الأدنى مقارنة بدول مجلس التعاون، وبالطبع مع دول العالم المتقدم. أما ما يثير العجب والاستغراب فهو توزيع ملايين الدنانير سنوياً لعشرات الآلاف من منتسبي الوزارة مقابل أعمال ممتازة! ولكن، أعمال ممتازة على ماذا؟ فهل الالتزام بالدوام يعتبر عملاً ممتازاً؟ هل هناك بلد يكافئ موظفيه لأنهم التزموا بما هو مفروض عليهم؟

Ad

فلابد من تحقيق العدالة بمنح التقدير المادي والوظيفي والمعنوي للمعلمين الذين يؤدون رسالتهم التعليمية على أكمل وجه، ولابد من أن يتم التخلص من المتسيبين فهم لا يسيئون للجسم التعليمي فقط ولكن وجودهم يؤثر سلباً على أداء الملتزمين، وعلى مخرجات التعليم برمتها.

الجسم التعليمي يواجه مشكلة أخرى، فهناك فائض كبير في مدرسي الرسم والرياضة والتخصصات الهامشية، يقابله نقص كبير جداً في التخصصات النادرة كالعلوم والرياضيات واللغات، وطبعاً السبب واضح، فليس هناك تميز يذكر لأصحاب التخصصات الصعبة والنادرة، لا بالدرجات ولا بالتقدير السنوي، وهذا ما شجع، وعلى مدى سنوات طويلة، على توجه معظم المدرسين إلى تخصصات سهلة دراسياً، ويسهل فيها التغيب والتسيب لكثرتهم الزائدة عن الحاجة.

التقارير الدولية الرسمية ذكرت أن مشكلة الكويت التعليمية ليست في الوصول إلى التعليم، ولا في ميزانية تُعد الأعلى إنفاقاً لكل طالب في العالم، ولكنها في ضعف كفاءة المعلمين، وعدم مواكبة المناهج للتطور التكنولوجي، إلى جانب طول العطلات الدراسية وقصر اليوم الدراسي الفعلي.

تدني مستوى مخرجات التعليم على مر العقود الأخيرة، والتسيب والترهل في الجسم الوظيفي يدل على أن هناك استخفافاً فاضحاً وتقصيراً لا تخطئه العين في تعيين المسؤولين عن التعليم في الكويت، فلم يكونوا على مستوى مواكبة التطور التكنولوجي السريع، ولم يعملوا على تطوير المناهج الدراسية لسد احتياجات البلد من النشء المتعلم الكفء.