تشكِّل الشركات العائلية أهمية لا يُستهان بها في الاقتصاد، خصوصاً بدول مجلس التعاون، لكن رغم هذه الأهمية الكبيرة، فإنها تواجه العديد من التحديات والصعوبات عندما تتغوَّل سُلطة الأغلبية، التي قد تكون لا تعلم شيئاً عن إدارة الشركة ونظامها، ويُصبح مَنْ كان لصيقاً بالمؤسسة هو الأقلية، بعد أن كان هو القائم بجميع أعمال الشركة.

وقد تواجه أيضاً الشركات العائلية صعوبات أخرى متعلقة بتنظيمها وإدارتها، في ظل خضوعها للتنظيم القانوني العام للشركات، خصوصاً المُدرجة منها بأسواق الأوراق المالية، بعد أن كانت رابطة الأسرة هي القيم والأهداف التي تسعى العائلة للمحافظة عليها وتطويرها، وهي الأساس في نظام الشركات العائلية. 

لذا ينبغي ألا تؤدي إدارة الشركة العائلية، في ظل هذه القوانين، إلى زعزعة هذا الأساس المهم.

Ad

إن الحلقة الأضعف في الشركات العائلية مرتبطة بديمومتها واستمراريتها، بعد أن يتركها المؤسس، ويخلفه الأبناء والأحفاد، ويزيد عدد الشركاء فيها، وتبرز الخلافات، في ظل الصراع على السُّلطة والإدارة، وتجاهل الشركاء الأقلية، وعدم التخطيط لخلافة القيادة والتوازن بين المصالح الشخصية والمهنية ومصالح الشركة.

ومن حيث القانون، ليس هناك فرق بين الشركات العائلية والشركات الأخرى، فالنصوص القانونية ذات الصلة تنطبق على جميع الشركات، بكل أنواعها، حيث إنه ليست هناك تشريعات خاصة بتنظيم عمل الشركات العائلية.

إن تعسف الأغلبية في الشركات العائلية قد يكون أكثر شيوعاً، لكون الشركاء من عائلة واحدة، ويكون تسلُّط الأكبر مقبولاً وفق درجة صِلته بالمؤسس، لكن هناك حالات لا يمكن للأقلية قبول مثل هذا التسلُّط، إذ تظهر ممارسات الإضرار بالأقلية في صورٍ متعددة وغير قانونية، مثل: استبعاد الشريك الأقلية من الإدارة والمعلومات، واتخاذ قرارات توزيع أرباح غير مناسبة، وقد تكون غير عادلة، وقد تكون في شكل تحميل الشركة مصروفات شخصية لمصلحة بعض الشركاء، أو إبرام تعاقدات مع أطراف ذات صِلة من دون شفافية.

ومن صور إهمال مصالح الأقلية، زيادة رأسمال الشركة بطريقة تؤدي إلى إضعاف حصصهم، أو تصفية الشركة، أو دمجها لتحقيق مصلحة فئة معينة.

لذا في مثل هذه الحالات يجب أن يتدخل القانون، لمنع إساءة استعمال السُّلطة.

قانون الشركات التجارية لم يُجز لإدارة الشركة، بجميع أنواعها، القيام بالتصرُّفات التي تجاوز الإدارة العادية، إلا بموافقة جميع الشركاء، أو بنصٍ صريح في عقد الشركة.

ويكون المديرون مسؤولين بالتضامن تجاه الشركة والشركاء والغير عن مخالفتهم لهذه الأحكام، ويكون لكل شريك أو مساهم، مهما كانت قيمة حصته أو مساهمته، أن يُسائل الإدارة، ومن حقه الاطلاع على دفاتر وحسابات الشركة، ويجوز لصغار الشركاء- إذا اجتمعوا- طلب عزل المدير إذا ارتكب عملاً من أعمال الغش أو الخطأ وسوء الإدارة، وهذا ينطبق على الشركات المساهمة، إذ يحق للمساهم- أياً كان عدد أسهمه- مُحاسبة مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، إذ من حقه حضور اجتماعات الجمعية العامة للشركاء، ومناقشتهم، ومساءلتهم عن أي تقصيرٍ أو الانحراف عن تطبيق القانون، ولكل مساهم أن يرفع دعوى المسؤولية منفرداً.

كما يجوز لكل مساهم إقامة الدعوى ببطلان أي قرار يصدر عن مجلس الإدارة أو الجمعية العامة كان فيه إجحاف بحقوق الأقلية.

لذلك يمكن القول إنه إذا لم يكن هناك تشريع خاص بتنظيم الشركات العائلية، فإن نصوص قانون الشركات تُسعف الأقلية من الشركاء، حيث إنه لا فرق من الناحية القانونية بين الشركات العائلية والشركات التجارية الأخرى، بكل أشكالها، بصدد تغوُّل الأغلبية وتعسفها.