قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية في اجتماعها أمس سحب الجنسية من عدة فئات من بينها فئة يعتبرها بيان وزارة الداخلية أنها أضرت بـ "المصلحة العليا للبلاد". حيث تواردت أنباء في وسائل التواصل بأن المقصود بها شخص أدار حسابات وهمية وروج شائعات وبث أخباراً مضللة.
في الحقيقة، لا أدري، وربما معي السواد الأعظم من الكويتيين، ما هي الأعمال التي تضر بالمصلحة العليا للبلاد ويترتب عليها سحب الجنسية الكويتية من حاملها... هل تقتصر فقط على إدارة الحسابات الوهمية وبث الأخبار الكاذبة، أم تتعاظم لتصل إلى ما هو أشد، إشاعات وأخبار يمكن نفيها خلال دقائق فقط لو تم تفعيل منصة الناطق الحكومي الرسمي؟
وما دام تعريف الإضرار بمصلحة البلاد العليا غير محدد، فنحن نتساءل: هل يشمل الإضرار بالمصلحة العليا للبلاد ــ مثلاً ــ المدانين بقضايا المال العام المليارية في الناقلات والاستثمارات والتأمينات وصندوق الجيش أم يقتصر على الحسابات الوهمية؟ ولماذا لا يندرج تجار المخدرات ضمن فئة الإضرار بالمصلحة العليا للبلاد؟
يجب أن نعترف بأن هناك مرونة عالية بل مطاطة جداً في تعريف الممارسات التي تضر بمصلحة البلاد العليا، ولا يدري أحد إن شملت اليوم حساباً إخبارياً وهمياً فقط فقد تصل يوماً ما إلى عقاب مخالفي المرور أو مدانين بقضايا الاحتيال وغيرها من القضايا التي تحتاج لعقوبة جنائية لا إلى سحب الجنسية كوسيلة عقابية.
وما دمنا في الحديث عن سحب الجنسية وفئاتها... فلماذا لا تصدر وزارة الداخلية أو الهيئة العامة للمعلومات المدنية إحصائية بعد مرور أكثر من عام على بدء إجراءات سحب الجنسية وإسقاطها حتى يعرف المجتمع الأعداد والشرائح والفئات التي فقدت الجنسية، خصوصاً أن هناك حسابات وهمية أخرى تروج لفكرة أن مَن سحبت منهم الجنسية بسبب التزوير والازدواجية هم الفئة الأكبر بينما متابعة إصدارات جريدة "الكويت اليوم" تشير إلى أن أغلبهم من فئتي المادة الثامنة والأعمال الجليلة؟
إن التوسع في مفهوم الإضرار بمصلحة البلاد العليا أمر غير محبذ، ويحتاج إلى إعادة تعريف، وفي اعتقادي يجب أن يرتبط بمسألة الخيانة العظمى للبلاد في زمن الحرب، أما غير ذلك فقضايا جنائية قد تنتهي إلى الإدانة أو البراءة ولا تصل إلى إفقاد المواطنة لحاملها.