في ظل التحوُّلات المتسارعة التي يشهدها عالمنا هذا، تبرز أسئلة مُلحَّة ترتبط مباشرةً بما يُعرف بالتحوُّلات المختلفة في مجالات ثقافية شتى، منها أساليب الكتابة، بأنواعها كافة، ككتابة المقالات والروايات، وغيرها، بوصفها مرآة للواقع الاجتماعي والتاريخي. فالكتابة المنتظمة في الصُّحف المحلية لم تعد مجرَّد أفكار تُروى، بل أضحت أدوات لفهم ما يجري في عالمنا هذا، وقد أفسحت المجال لإعادة تشكيل الوعي بالأحداث والشخصيات والزمان والمكان على المسارح المحلية والإقليمية والدولية، عبر بنى مميزة ترتبط بشخصية الكاتب، واستخدامه لأدوات التحليل والسَّرد من زوايا متعددة.
تاريخياً، وعبر الارتباط الثقافي بمنطقتنا العربية، تأثرت كتابة الأعمدة الصحافية بعوامل عديدة، فأخذت أنماطاً مختلفة، منها التسلية والفكاهة، وأخرى اتخذت منحى تعليمياً وإرشادياً، ثم تأثرت باتجاهات فكرية وأدبية مختلفة، وصفها البعض بأنها جاءت أكثر التصاقاً بتحوُّلات المجتمع، وانعكس ذلك على منطقتنا في الخليج العربي أيضاً، حيث أسهم تسارُع التغيير والانفتاح الثقافي في إعادة تشكيل أساليب الكتابة، والتعبير عمَّا يدور في النَّفس من تفاعلٍ مع الأحداث، فبقيت الهوية الثقافية مرجعاً.
وفي سياقٍ موازٍ، يكشف التاريخ الأوروبي عن تحوُّلات كبرى أسهمت في تشكيل أساليب كتابة المقالات الصحافية أيضاً، فقد شهد القرن الثامن عشر إقبالاً متزايداً على الكتابة عن صعود الرأسمالية وهيمنة الطبقة البرجوازية. بعدها تأثرت بهزَّات سياسية واجتماعية كبرى، كان أبرزها الثورة الفرنسية، حيث تأثرت بها أساليب الكتابة ومواضيعها، فاتجهت إلى مبادئ العدالة وحقوق الإنسان. ثم تأثرت بالتقدُّم الفني والعلمي، فأصبح التفاؤل سمةً واضحة. غير أن هذا التفاؤل لم يدم طويلاً، إذ سُرعان ما لبَّدت الغيوم سماء أوروبا مع تصاعد التوترات الدولية، والتنافس على النفوذ والموارد، واشتداد النزعات القومية، مما قاد في النهاية إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى. ففتحت المجال لتقاطع الأدب والتاريخ معاً في كشف التحوُّلات العميقة التي تُعيد تشكيل الهوية، سواء في الرواية، أو في مسار المجتمعات الإنسانية... وللحديث بقية.
كلمة أخيرة: تابعت عبر الصُّحف الجهود المبذولة في تنمية السياحة التاريخية والبيئية في الكويت، بسواعد شابة، تحت قيادة وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري... وبلا شك، فإن الاتجاه إلى الاستثمار في الهوية الثقافية والتاريخية مسار مهم يُضفي على الدبلوماسية العامة تطوراً ملحوظاً... وعساكم على القوة.