ارتفعت أسعار النفط في المعاملات المبكرة، اليوم، بعد اعتراض الولايات المتحدة ناقلة نفط في المياه الدولية قبالة سواحل فنزويلا.وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 44 سنتاً أو ‌0.73 بالمئة إلى 60.91 دولاراً للبرميل، وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 40 سنتاً ‌أو 0.71 بالمئة إلى ‌56.92 دولاراً للبرميل.قال مسؤولون لـ «رويترز» الأحد إن خفر السواحل الأميركي ‍يتعقب أيضاً ناقلة نفط في المياه الدولية بالقرب من فنزويلا، فيما ستكون ثاني عملية ⁠من نوعها في مطلع الأسبوع، والثالثة في أقل من أسبوعين إذا نجحت.وقال توني سيكامور المحلل لدى «آي.جي» إن انتعاش أسعار النفط جاء بسبب التطورات الجيوسياسية ‌بدءاً من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض حصار «كامل وشامل» على ناقلات النفط الفنزويلية الخاضعة للعقوبات والتطورات اللاحقة هناك، ثم الأنباء ‌التي تحدثت عن ضربة أوكرانية بطائرات مسيّرة على سفينة ‍تابعة لأسطول الظل الروسي في البحر المتوسط.وقال سيكامور «يفقد السوق الأمل في أن تتوصل محادثات السلام الروسية - الأوكرانية التي توسطت فيها الولايات المتحدة إلى اتفاق دائم في أي وقت قريب».وأضاف «تساعد هذه التطورات على تعويض المخاوف المستمرة من تخمة المعروض».وانخفض خام برنت وخام ‌غرب تكساس الوسيط بنحو واحد بالمئة الأسبوع الماضي، بعد أن انخفض كلا الخامين القياسيين بنحو 4 بالمئة في الأسبوع الذي بدأ في ‌8 ديسمبر.وقال المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، الأحد، إن المحادثات التي جرت بين ⁠مسؤولين أميركيين ‍وأوروبيين ‌وأوكرانيين على مدار ‍الأيام الثلاثة الماضية في فلوريدا بهدف إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا ركزت على توحيد المواقف. وأضاف أن تلك الاجتماعات والمحادثات المنفصلة مع المفاوضين الروس كانت مثمرة.ومع ذلك، قال كبير مساعدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للسياسة الخارجية، أمس ، إن التغييرات التي أدخلها الأوروبيون وأوكرانيا على المقترحات الأميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا لم تحسن من احتمالات السلام. وأفاد مسؤولون لـ «رويترز» الأحد بأن خفر السواحل الأميركي يتعقب ناقلة نفط في المياه الدولية قرب فنزويلا، في ثاني عملية من نوعها خلال يومين، والثالثة في أقل من أسبوعين في حال نجاحها.وذكر مسؤول أميركي: «يلاحق خفر السواحل الأميركي سفينة تابعة لأسطول الظل... وهي ضالعة في تحايل فنزويلا على العقوبات» مضيفاً أنها «‌ترفع علماً زائفاً، وتخضع لأمر احتجاز قضائي».وأفاد مسؤول آخر بأن الناقلة تخضع للعقوبات، لكنه أضاف أنه لم يتم  اعتلاؤها بعد، وأنه ربما يتم اعتراضها بعدة طرق مختلفة منها الإبحار ‌أو التحليق بالقرب منها.ولم يحدد المسؤولون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، موقعاً دقيقاً للعملية أو اسم السفينة المستهدفة.وذكرت مجموعة فانغارد البريطانية لإدارة المخاطر البحرية ومصدر أمني بحري أميركي أن السفينة هي (بيلا 1)، وهي ناقلة نفط خام ‌مدرجة على قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأميركية التي وصفتها بأنها ‌على صلة بإيران.ووفقاً لموقع «تانكر تراكرز دوت.كوم» المتخصص في تتبّع السفن، لم يكن على (بيلا 1) أي حمولة عندما كانت بالقرب من فنزويلا أمس . وتظهر وثائق داخلية لشركة النفط الحكومية ‍الفنزويلية (بي. دي. في. إس. إيه) أن السفينة كانت نقلت نفطاً من فنزويلا إلى الصين عام 2021. وتشير «تانكر تراكرز» إلى أنها نقلت في السابق نفطاً ⁠خاماً إيرانياً.وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن قبل عدة أيام عن فرض حصار على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات التي تدخل فنزويلا أو تخرج منها.وشهدت حملة الضغط التي يشنها ترامب على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو تعزيز الوجود العسكري في المنطقة وتنفيذ أكثر من عشرين غارة عسكرية على سفن في المحيط الهادي والبحر ‌الكاريبي بالقرب من الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية. وتسببت هذه الهجمات في مقتل 100 شخص على الأقل.ووصلت ناقلة النفط «سكيبر»، وهي ناقلة نفط خام ضخمة وأول سفينة ذات صلة بفنزويلا تحتجزها الولايات المتحدة في 10 الجاري، إلى منطقة تفريغ بحري في غالفستون بالقرب من هيوستن اليوم الأحد. ولا تستطيع ناقلات ‌النفط الخام الكبيرة جداً عبور قناة هيوستن للسفن، لأن الممر المائي ليس عميقاً بما فيه الكفاية، وعادة ما يتم نقل النفط ‍على متنها إلى ناقلات أصغر في منطقة التفريغ في غالفستون.وفي مقابلة تلفزيونية، قال المستشار الاقتصادي بالبيت الأبيض، كيفن هاسيت، إن ناقلتي النفط اللتين جرى الاستيلاء عليهما في بداية الحملة كانتا تعملان في السوق السوداء وتقدمان النفط لدول خاضعة للعقوبات. وأضاف هاسيت لقناة سي. بي. إس: «لذا لا أعتقد أن هناك ما يدعو للقلق هنا في الولايات المتحدة بشأن ارتفاع الأسعار بسبب مصادرة هاتين السفينتين. فهما سفينتان فقط، وكانتا تعملان في السوق السوداء».وقال جيوفاني ستانوفو المحلل لدى «يو. بي. إس»: «ربما نشهد ارتفاعاً طفيفاً في الأسعار عند فتح التداول، لأن المتداولين قد يرون ذلك بمنزلة تصعيد وسط تزايد المخاطر حيال شحنات النفط الفنزويلية»، نظراً إلى أن ناقلة النفط التي تم اعتراضها السبت ⁠لم تكن خاضعة للعقوبات الأميركية.وقال محلل آخر إن عمليات المصادرة تزيد من المخاطر الجيوسياسية، وإنها قد تزيد من حدة التوتر في أسطول الظل الذي ينقل النفط من دول خاضعة للعقوبات مثل فنزويلا وروسيا وإيران.وقال ماتياس توجني، المحلل في ⁠»نيكست باريل»، إن عمليات المصادرة قد تضفي ‍شرعية لأوكرانيا ‌وتشجعها على مواصلة مهاجمة ‍السفن الروسية، كما أنها قد تشجع أوروبا على احتجاز سفن أسطول الظل المرتبطة بموسكو أيضاً.وقال توجني إن علامات تباطؤ بدأت تظهر بالفعل على إنتاج النفط الفنزويلي والإيراني، مضيفا أنه يتوقع حدوث الشيء ذاته مع روسيا. وأوضح أن من المرجح أن يُعرض نفط الدول الخاضعة للعقوبات بخصومات أكبر، نظراً إلى ارتفاع تكاليف النقل، مما قد يُسهم في الحد من ارتفاع الأسعار.وقال الرئيس الفنزويلي الأربعاء الماضي إن تجارة النفط في البلاد ستستمر.لكن المحللين قالوا إن التركيز الأميركي الجديد على ناقلات النفط سيزيد من المخاطر الجيوسياسية وربما يضر بإيرادات النفط الفنزويلية.وقال فرانسيسكو مونالدي، مدير برنامج الطاقة في أميركا اللاتينية في معهد بيكر التابع لجامعة رايس، إن الآثار قد تظهر بسرعة مع انخفاض حجم صادرات فنزويلا بشكل كبير وامتلاء صهاريج تخزين النفط بشكل أسرع، مما يجبر البلد المنتج العضو في «أوبك» على خفض الإنتاج.وانتقدت الصين الولايات المتحدة لمصادرة ناقلات النفط قبالة ساحل فنزويلا، مما يشير إلى دعمها كاراكاس فيما تتصاعد أزمتها مع واشنطن.وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، لين جيان، في إحاطة صحافية في بكين اليوم: «قيام الولايات المتحدة بمصادرة ناقلات الدول الأخرى بشكل تعسفي ينتهك بشدة القانون الدولي».وأضاف أن الصين تعارض أي شيء ينتهك سيادة وأمن الدول الأخرى وكل شكل من أشكال الأحادية والتنمر، بحسب وكالة بلومبرغ للأنباء.وارتفعت واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال الروسي إلى مستوى قياسي جديد خلال نوفمبر، مع إقبال المشترين الصينيين على الشحنات الروسية الأرخص سعراً، رغم المخاطر المرتبطة بالعقوبات الغربية.وأظهرت بيانات صدرت خلال عطلة نهاية الأسبوع، أن شحنات الغاز الروسي المسال إلى الصين قفزت بأكثر من الضعف مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، لتصل إلى 1.6 مليون طن متري.واضطرت موسكو إلى خفض أسعار شحناتها لتعزيز جاذبيتها، إذ أظهرت البيانات أن الغاز الروسي كان الأرخص بين 12 موردًا للصين، وبسعر يقل بنحو 10% عن متوسط الأسعار، مسجلاً 9.85 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال نوفمبر.في المقابل، لم تستورد بكين أي شحنات من الغاز الطبيعي المسال الأميركي منذ فبراير الماضي، إلى جانب تراجع الشحنات الأسترالية إلى 1.5 مليون طن خلال الشهر الماضي، مقارنة مع 1.6 مليون طن في أكتوبر.وقال خالد العوضي، مستشار الطاقة في شركة «Hawk Energy»، إن الحظر المفروض على إمدادات النفط الفنزويلية لا يُتوقع أن يكون له تأثير جوهري على أسواق النفط العالمية، مشيراً إلى أن الكميات التي تصدرها فنزويلا حالياً محدودة ولا تتجاوز نحو 300 ألف برميل يومياً.   وأوضح العوضي في مقابلة مع «العربية Business» أن هذه الكميات لا تشكل وزناً مؤثراً في سوق تعاني أصلاً من تذبذبات واسعة وفوائض في الإمدادات، لافتاً إلى أن التحركات السعرية الأخيرة تعكس في معظمها مخاوف سياسية مؤقتة سرعان ما تتلاشى خلال أيام.وأضاف أن انخفاض صادرات فنزويلا حتى إلى الصفر لن يؤدي إلى قفزات كبيرة في الأسعار، خاصة مع التوقعات بوجود تخمة في المعروض مع بداية العام الجديد، مؤكداً أن العوامل الأكثر تأثيراً على الأسواق تتمثل في الملفات الجيوسياسية الكبرى، وعلى رأسها تطورات العلاقة بين روسيا وأوكرانيا.وأشار العوضي إلى أن الخلاف بين الولايات المتحدة وفنزويلا يمتد لسنوات طويلة، ويعود إلى سياسات تأميم قطاع النفط وطرد الشركات الأميركية، مما خلق توتراً مستمراً انعكس في القيود المفروضة على الصادرات الفنزويلية.واعتبر أن تجارة النفط الفنزويلي غير النظامية لا تخدم استقرار السوق، مرجحاً أن يبقى تأثيرها محدوداً على الأسعار العالمية في المرحلة المقبلة. 
Ad