يترقب المواطنون صباح الأحد من كل أسبوع صدور الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) لمعرفة التعديلات التشريعية وطبيعتها واللوائح التنفيذية وتفاصيلها التي صدرت من الوزراء. هكذا يبدو المشهد الحكومي التشريعي منذ الانتقال المؤقت لصلاحيات مجلس الأمة إلى مجلس الوزراء، وفي ظل غياب الإفصاح التفصيلي المبكر عن القرارات الحكومية.

تلك الحالة – الجديدة – رسمت خطوط عزل للعلاقة التشريعية بين الإدارات الحكومية والمواطنين، وخلقت فراغاً كبيراً بين الحقوق والواجبات القانونية للدولة والأفراد. ولم تتوقف السلبيات عند حدود الأفراد، بل امتدت إلى داخل البيت الحكومي، إذ بدأت الوزارات تتضارب وتتناقض إجراءاتها نتيجة «التشريعات المفاجئة» و«القرارات الفورية» من وزارة إلى أخرى.

ترتب على ما سبق، لجوء أغلب المواطنين إلى مواقع التواصل الاجتماعي بحثاً عن تفسير لتشريع جديد أو شرح لمادة قانونية مستحدثة، أو اجتهادات بعض المتخصصين لعل في اجتهاداتهم ما يزيل غشاوة التشريع وضبابية مواده، ونتج عن هذا السلوك المجتمعي فهم خاطئ للقانون وتطبيق غير صحيح له، وعلى المستوى الحكومي عدم استقرار للبيئة التشريعية، وهو الأهم.

Ad

يرى مراقبون أن الحكومة – ممثلة بالوزراء - تتحمل منفردة مسؤولية تراجع العلاقة التشريعية بين الدولة والأفراد، فالأصل في مسار صناعة التشريع المشاركة مع مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة وطرحه للنقاش العام، لافتين إلى أن هذا المسار بات مغيباً رغم أهميته وضرورته في تصويب الأخطاء التشريعية، إن وُجِدت، وإشراك المجتمع بأسره بما قد ترتبه عليه التشريعات والقرارات.

ويضيف المراقبون، في هذا الصدد، أن هناك نماذج إيجابية ولكنها تمثل الحالة الشاذة للأداء الحكومي التشريعي، مستشهدين بقانون المخدرات الجديد الذي أقر مؤخراً، إذ أطلقت وزارة الداخلية حملة توعية واسعة امتدت على مدار أسبوعين على مستوى الدولة أشركت فيها مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام لشرح مواد القانون للجميع قبل دخوله حيز التنفيذ، أما الحالة العامة فتتمثل في القرار الوزاري الصادر من وزارة الصحة بشأن اللائحة الداخلية لقانون التأمين الصحي الأجنبي، إذ صدر يوم أمس ويبدأ نفاذه غداً، دون مهلة للقطاع الحكومي أو الخاص أو حتى الأفراد لترتيب أوضاعهم لا سيما أن القرار ضاعف رسوم التأمين.

ورداً على سؤال لـ «الجريدة» إن كان تصحيح المسار يتطلب تنسيقاً حكومياً؟ أفاد المراقبون بأن التنسيق جزء بسيط لخلق التكامل بين الأجهزة، لكن الأهم هو قناعة الوزراء بحق مؤسسات المجتمع المدني والمختصين في المشاركة، واعتبار المواطن جزءاً أصيلاً من منظومة الدولة التي تحددها التشريعات.

غياب مجلس الأمة قد يراه بعض الوزراء فرصة تمنحهم الحرية في إقرار التشريعات وتحديثها بعيداً عن سلطة النواب، ولكنه في المقابل يُحمِّلهم عبئاً يُلزمهم بالتزام أقصى درجات الشفافية والمشاركة المجتمعية.