من أهداف صندوق النقد الدولي دعم الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي للدول الأعضاء، من خلال تقديم قروض وخدمات مالية، وإسداء المشورة بشأن السياسات الاقتصادية والإصلاحات الهيكلية، إلى جانب تنمية القدرات الفنية وتقييم الأداء.

في المقابل، يرى نقاد الصندوق أن توصياته غير مجدية أو حتى ضارة، حيث أدى تطبيقها في بعض الدول الملتزمة بها إلى صعوبات اقتصادية ومشاكل سياسية واجتماعية حادة، تسبَّبت في إفقار الفقراء وتآكل الطبقة المتوسطة (الأمثلة الدالة على هذه الآثار السلبية كثيرة)، لكن هذا لا يعني عدم وجود عوامل أخرى، كالفساد، وسوء الإدارة، والأزمات الخارجية، والاضطرابات الداخلية، وكذلك سياسات التقشف التي تأتي على حساب البنية التحتية وعلى جودة الخدمات التعليمية والصحية.

أيضاً من المهم التفريق بين أهداف وسياسات صندوق النقد الدولي وبين البنك الدولي، رغم تقارب الغايات، ومع ذلك سأركِّز على زيارة الوفد الرسمي لصندوق النقد الدولي الأخيرة لدولة الكويت، والتي استمرت أسبوعين، حيث شملت العديد من القطاعات.

Ad

زيارة وفد صندوق النقد الدولي لم تأتِ بجديد، حيث دارت حول ضرورة تعزيز الإيرادات غير النفطية، وتوجيه الدعم لمستحقيه، مع التدرُّج في إلغاء دعم الطاقة، وإعادة تسعير الكهرباء والمياه والوقود، وتطبيق الضريبة الانتقائية والمضافة، وترشيد الأجور.

هذه التوصيات المُعلنة التي خلص إليها وفد الصندوق، ورغم تكرارها، فإن فقرة إصلاح الإيرادات غير النفطية محل اهتمام المختصين والمراقبين، لكونها تحمل معاني في غاية الأهمية حول مفهوم تنويع مصادر الدخل.

الكويت من الدول التي تعتمد على صادرات النفط بشكلٍ كبير في إعداد ميزانيتها العامة، وتعتمد بشكلٍ أكبر على أسعار النفط العالمية. ففي السنوات التي تشهد ارتفاعاً لأسعار النفط تخفت الأصوات، لكن إذا حصل العكس يبدأ الحديث عن رفع الرسوم، وخفض الدعم الحكومي، وإعادة تسعير بعض السلع الأساسية.

تساؤلات كثيرة تسبق توصيات صندوق النقد الدولي حول:

1- ما مصير التوصيات التي خرجت من المؤتمرات والملتقيات الاقتصادية التي شارك فيها القطاع الخاص والحكومي ومن أهل الاختصاص والخبرة؟

2- ماذا عملت الحكومة لرفع نسبة إجمالي العاملين في القطاع الخاص من المواطنين، والتي لم تتجاوز 5 في المئة؟

3- أين وصلت نسبة الإنجاز من تحويل رؤية الكويت إلى مركز مالي واقتصادي؟

4- هل تمتلك الحكومة رؤية حول توطين بعض الصناعات، وكيفية الاستفادة من الفرص الاستثمارية في قطاع التكنولوجيا الحديثة وعلوم الذكاء الاصطناعي والطاقات المتجددة؟ وماذا عن مشروع الحزام والطريق؟

5- ما المعوقات التي تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة؟ وهل هناك آلية نحو توجيهها إلى المجالات الناجحة؟

الخلاصة، هناك الكثير من الإجراءات التي من شأنها تعظيم موارد الدخل غير النفطية قبل التفكير بتنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي المكرَّرة. لذلك أدعو الحكومة إلى قراءة إخفاقات توصيات الصندوق قبل قراءة النجاحات، ودعوة العقول الكويتية للمشاركة في وضع خريطة طريق للإصلاحات المالية، فأهل مكة أدرى بشعابها.

ودمتم سالمين