يترقب لبنان نتائج 3 مسارات قد تحدد مصير الرهانات اللبنانية لمنع حرب إسرائيلية جديدة، الأول يتمثل في المفاوضات مع إسرائيل عبر لجنة مراقبة وقف إطلاق النار (الميكانيزم)، والثاني مرتبط بنتائج اجتماع باريس الذي جمع ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقائد الجيش اللبناني رودولف هيكل، أما الثالث فهو الاجتماع المقرر بواشنطن بعد نحو 9 أيام بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وفيما يخص المفاوضات مع إسرائيل، سجلت تطورا بعد رفع تل أبيب مستوى التمثيل في «الميكانيزم» عبر تعيين مفاجئ لنائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بالوفد الإسرائيلي المفاوض، لتصبح هناك شخصيتان مدنيتان بالجانب الإسرائيلي مقابل شخص بالجانب اللبناني هو السفير سيمون كرم.
ورأى معلقون أن الخطوة الإسرائيلية أسلوب جديد لأجل استدراج لبنان لتوسيع وفده وضم شخصيات مدنية أخرى، للعودة إلى طرح قديم هو تشكيل لجان متعددة للتفاوض حول الوضع الأمني والعسكري، وترسيم الحدود، وما يسميه الإسرائيليون التفاوض الاقتصادي أو المنطقة الاقتصادية.
وبحسب المعلومات، فقد جرى الاتفاق على عقد اجتماع جديد لـ «الميكانيزم» بعد عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، على أن يتزامن مع تقرير الجيش اللبناني حول ما حققه على صعيد حصر السلاح في جنوب نهر الليطاني، والتحركات حول وضع خطة لسحب السلاح في شمال الليطاني.
أما اجتماع باريس فقد عرض فيه هيكل مراحل حصر السلاح، وما حققه الجيش حتى الآن، بالإضافة إلى المهام التي لا يزال يتوجب تنفيذها قبل الإعلان عن منطقة جنوب نهر الليطاني خالية من السلاح، وسط تقديرات تفيد بأن الجيش قد يعلن عن ذلك بحدود منتصف يناير 2026، علماً أنه تم خلال اجتماع باريس بحث إمكانية تمديد المهلة أكثر من ذلك، حتى فبراير المقبل، لاسيما إذا كانت هناك حاجة للدخول إلى تفتيش مناطق سكنية للتأكد من خلوها من السلاح.
وشهد الاجتماع اقتراحاً فرنسيا باعتماد آلية جديدة منبثقة عن «الميكانيزم»، مع استعداد الكتيبة الفرنسية العاملة في قوات «اليونيفيل» لأن تتولى عملية الكشف على المواقع التي جرى سحب السلاح منها، للتأكد من خلوها من السلاح، كما ناقش الاجتماع مسألة عقد مؤتمر لدعم الجيش، وتم تحديد موعد مبدئي هو فبراير، لكن من دون تحديد التاريخ أو المكان، لأن ذلك سيكون مرتبطاً بمدى جدية الجيش في إنهاء المهمة بنجاح جنوب الليطاني والبدء بالانتقال الفعلي إلى شمال النهر.
ويبقى المسار الأهم، وهو لقاء نتنياهو وترامب، حيث سيعرض الأول على الرئيس الأميركي تقارير ومعلومات حول سعي حزب الله لإعادة بناء قدراته وتجهيز نفسه عسكرياً، وسيسعى للحصول على ضوء أخضر أميركي لشن عملية عسكرية جديدة ضد حزب الله في لبنان، في وقت لا تزال إدارة ترامب حتى الآن تفضل تجنب أي تصعيد بالمنطقة، وتحاول الضغط في سبيل ذلك بناء على الاتصالات التي تجريها مع السلطات اللبنانية، لاسيما مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وسط معلومات تفيد بأن التواصل الاميركي مستمر مع رئيس الجمهورية جوزيف عون لتحديد موعد له لزيارة واشنطن ولقاء ترامب.
في هذه الأثناء، تطرح تل أبيب شروطاً قاسية لتجنب التصعيد العسكري، يعتقد أن نتنياهو سيناقشها مع ترامب، وهي تضم ملامح مشابهة للخطة التي اعتمدت في قطاع غزة، وأساسها سحب سلاح حزب الله بالكامل، ومنع الحزب الآن ولاحقاً من القدرة على إعادة تشكيل بنية عسكرية تشكل خطراً على إسرائيل.
وبحسب المعلومات، فإن ما يطرحه الإسرائيليون هو وضع خريطة تقسم جنوب نهر الليطاني الى مناطق مقسمة بين ثلاثة خطوط، الأول هو الخط الأزرق الحالي الذي يبقى على حاله، والثاني هو الذي سيطلق عليه «الخط الأحمر»، وهو عبارة عن الخط الأمني، الذي تريد فيه إسرائيل أن يكون لها وجود عسكري وأمني على الأرض أو من خلال معدات وآليات رصد عسكرية أو روبوتات، وهذا الخط سيكون متعرجاً ويمتد على النقاط التي لا تزال إسرائيل تحتلها حتى الآن وأقامت منشآت وتحصينات فيها.
أما الخط الثالث والأهم فهو الذي يطلق عليه الإسرائيليون «خط ذات الاهتمام»، وسيعرف لاحقاً بـ «الخط الأخضر»، وهو يشكل عملياً المنطقة العازلة أو المنطقة الاقتصادية التي تطرحها إدارة ترامب، والتي سيكون هناك شروط يخضع لها الذين سيقيمون فيها أو يدخلون إليها، علماً أن هذا الخط سيشمل مناطق واسعة بما فيها مناطق سكنية قد لا يسمح للسكان بالعودة إليها، بينما لا يزال لبنان يشترط مسألة عودة السكان الى قراهم الحدودية ووقف الاعتداءات.