أشاد العالم ببطولة المسلم الأسترالي أحمد الأحمد الذي نجح الأسبوع الماضي في التصدي لجريمة كان يقوم بها متطرفون لقتل مجموعة من اليهود يحتفلون بعيد "حانوكا"، ولا شك أنها إشادة في محلها، وقد حالت بطولة أحمد دون تصعيد إعلام التشويه والكراهية وإثارة الغضب على المسلمين في العالم واستغلال الحدث الإرهابي لصرف الأنظار عن المذابح الصهيونية في غزة.

ولا شك أن التطرف والإرهاب مشكلة كبيرة ولكن المشكلة الأكبر هي الأفكار والتصرفات والبذور التي تزرعه وتنميه، فالتطرف مرض لا ينشأ دون جراثيم تؤدي إليه.

لا أستبعد أن كثيراً من جرائم التطرف التي قام بها مسلمون في العالم ومنها هذه الحادثة في أستراليا التي قام بها رجل مسلم وابنه كان دافعها هو الانتقام والرد على جرائم الصهاينة في غزة.

Ad

يشاهد العالم الإبادة الجماعية وقتل النساء والأطفال وتجويعهم وبتر أطرافهم، فهل نستغرب أن يقوم من قُتل أبوه أو أبناؤه وشُوهت أمه وهُدم منزله وبات في الملاجئ بأي عمل انتقامي؟! يجب أن نعترف أن العنف يجر عنفاً بعده، وأن العدل هو العلاج الوحيد لمشاعر الغضب والقهر الذي يولد التطرف، فهل من العدل أن تستمر الطائرات الصهيونية بقتل الفلسطينيين حتى بعد توقيع خطة السلام الترامبية؟ وهل من العدل أن يفخر ترامب الأسبوع الماضي بضم الجولان، ويقول إنه إنجاز يساوي التريليونات؟ وهل من العدل أن يبني الصهاينة مدينة في شرق القدس أي على أرض محتلة ثم يصيحوا منددين بالتطرف الإسلامي؟! للأسف، فشلت الأمم المتحدة وقوانينها الدولية في تحقيق السلام الذي يقوم على العدالة واستمرت جرائم العنف الصهيوني ويئس المظلومون من إنصاف العالم فقابلوا العنف بالعنف.

وليس الأمر مقصوراً على جرائم الصهاينة فإثارة الكراهية منتشرة في أماكن كثيرة في العالم، فهناك من يتهم بعض السنن والشعائر الإسلامية بأنها داعشية وقندهارية، وهناك من يرسم الصور التي تسخر من نبينا عليه الصلاة والسلام فحدث ما حدث، وهناك من ينظر بازدراء إلى الآخرين من حيث الطائفة أو العائلة أو القبيلة أو الأصل أو الثروة أو جنسية الأم وحتى تجنس الأب وغيرها من مظاهر التفرقة والتمييز بين البشر التي تؤدي إلى انتشار الكراهية وعدم الانسجام بين الذين ساوت الشريعة بينهم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "دعوها فإنها منتنة"، وسماها دعوى الجاهلية.

الخلاصة أن هناك من يبذر مشاعر الكراهية والتطرف بممارسة القتل والعنف مما يهدد السلام العالمي، وهناك أيضاً من يمارس مظاهر ازدراء الآخرين واحتقارهم مما يهدد السلم الاجتماعي.