قال تقرير صادر عن مركز الشال الاقتصادي إنه في تقرير ينسب إلى الهيئة العامة للصناعة ناقشت محتواه أكثر من وسيلة إعلام، وإن لم ينشر رسمياً بعد ولم يتم نفي صحته، يشرح واقع القطاع الصناعي للفترة حتى عام 2024، يحسب له أنه كان انتقادياً في جانب منه، ويحسب عليه أنه لم يقدم نصحاً لتلافيها، وليس ضمنه برنامج عمل ملزم لدعم الصالح من المشروعات والمواجهة المبرمجة للطالح ضمنها. والغلبة في الكويت في معظم الحالات لانحراف الهيئات والمؤسسات واللجان عن تحقيق ما يتسق وأهداف تنموية عامة لا خلاف عليها، مثل مساهمتها في تنويع مصادر الدخل، وتعزيز مصادر ردف المالية العامة، وتعديل انحراف ميزان العمالة المواطنة، كمّاً ونوعاً، ذلك صحيح وينطبق على ما يفترض أنها مصدر السياسات العامة، أو رؤية الكويت 2035، وكل مستهدفاتها في وضع أدنى من مستويات زمن اطلاقها في عام 2017.وحسب التقرير، يوظف القطاع الصناعي نحو 109 آلاف عامل، بينما مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024 لم تتعد 8%، ومعظم المساهمة هي للصناعات النفطية التحويلية لشركات الدولة العامة، أي أغلبية ما تبقى كثيف العمالة ولا يساهم في تنويع مصادر الدخل أو إصلاح الخلل في هيكل إنتاجه وإنما يعمقه. ولأنه قطاع يميل إلى منهاج كثافة العمالة على حساب كثافة رأس المال، ومع غياب السياسة الضريبية، هو لا يدعم فقط استدامة المالية العامة، إنما يساهم بقوة في الضغط على الخدمات العامة، سلعاً وبنى تحتية مدعومة، مما يؤدي إلى تقويض استدامتها. ووفقاً لأرقام تقرير الهيئة، تبلغ مساهمة العمالة المواطنة في عمالة القطاع نحو 11%، بينما مساهمة العمالة المواطنة في مجمل عمالة الاقتصاد نحو 20% (وفق بيانات الإدارة المركزية للإحصاء والتي لا تشمل العسكريين)، أي أن القطاع يساهم في تعميق انحراف ميزان العمالة. ورغم أن مساهمته مماثلة وسلبية من حيث أثرها على انحراف التركيبة السكانية، فإنه انحراف تحصيل حاصل للانحرافات الثلاثة التي سبقته. ذلك لا يعني انتفاء الحاجة إلى القطاع، فضمنه هناك أنشطة وصناعات تحقق المستهدفات العامة، والاستثمار الكثيف في مزيد منها ضرورة وليس خيارا، مادامت المعايير واضحة في ترجيح جدواها.ولسنا في وارد انتقاد إدارة الهيئة العامة للصناعة، فغياب ربط مستهدفاتها بمستهدفات الدولة موروث لا ذنب لأي إدارة فيه، وذلك ينسحب على شركة المشروعات الصغيرة التي تم انتقاد مستهدفاتها قبل بدء عملها، وينسحب على هيئة الشراكة وعلى جهاز الاستثمار الأجنبي المباشر، وينسحب على معظم نحو الخمسين كيان الرديف لمؤسسات الإدارة العامة وآخر مثال لها إلغاء الهيئة العامة للطرق الأسبوع الفائت.  وأيضًا لسنا بصدد محاكمة الماضي، ولكن سبق لنا أيضًا أن ذكرنا أن ضمن المطروح مشروع حديث هدفه تسويق الكويت سياحياً وتجارياً بتسهيل الحصول على الفيزا، وهو بداية صحيحة وسهلة، ولكنه لن يحقق أغراضه ما لم يتزامن معه توظيف المطار الجديد والناقل الجوي الوطني وقطاع الضيافة ومنظومة القيم في التعامل مع القادمين، ضمن رؤية مؤسسية شاملة، لتتوافق مع متطلبات ومستهدفات الاقتصاد الكلي.وللتذكير فقط، ذكرنا أن الخطوط الجوية الكويتية تشغل 33 طائرة، مقابل 267 طائرة لطيران الإمارات، و261 طائرة للخطوط الجوية القطرية. ومطار الكويت استقبل 15.4 مليون زائر في 2024 مقابل مطار دبي الذي استقبل 92.3 مليونا، ومطار الدوحة بنحو 52.7 مليونا، ومطار الرياض بنحو 37.6 مليونا، ومطار أبوظبي بنحو 29.4 مليونا، والبلد ليس مضيافا، فما زالت الغلبة لأسلوب خاطئ في التعامل مع القادمين ومناولة أمتعتهم. وفي قطاع الضيافة، في الإمارات 214 ألف غرفة فندقية وعدد كبير من الشقق الفندقية، وفي قطر نحو 40 ألف غرفة فندقية بكافة مستوياتها، وفي عُمان نحو 33 ألف غرفة فندقية، وفي البحرين 24 ألف غرفة فندقية وكل الخيارات السكنية الأخرى، بينما توجد في الكويت نحو 10 آلاف غرفة فندقية وحوالي ألفي غرفة شقق فندقية. ذلك يعني أن الهدف من توصيف خطايا الماضي وما آلت إليه الأوضاع من سوء، هو التحذير من احتمال تكرارها في المستقبل ما لم نفهم أن تكلفة الأخطاء لم تعد محتملة، وأن عمل المؤسسات العامة هو عمل جماعي تراكمي طريقه واحد، كله يسعى إلى تحقيق مستهدفات الإصلاح العامة. والهيئة العامة للصناعة بحاجة إلى تغيير جذري يتبنى الربط بين أي مشروع صناعي ومستهدفات الاقتصاد الكلي، وليكن محتوى التقرير الحالي الصادر عنها تحذيراً ومدخلاً للتغيير، و«Visit Kuwait» مجرد عنوان يفترض أن تتبعه خريطة طريق مبرمجة لاستكمال البنى التحتية للسياحة للإفادة القصوى من الاستثمار في الترويج لها.
Ad