أعلن بنك الكويت المركزي انتهاء مهمة بعثة خبراء صندوق النقد الدولي للبلاد في إطار المشاورات الدورية السنوية، حيث أكدوا بدء مسار التعافي الاقتصادي خلال عام 2025، متوقعين نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.6 في المئة. وقال «المركزي»، في بيان اليوم، إن زيارة البعثة للبلاد، والتي كانت خلال الفترة من 3 الى 17 الجاري، تأتي بموجب المادة الرابعة لاتفاقية إنشاء الصندوق، موضحا أن خبراء الصندوق توقعوا في البيان الختامي للبعثة على صعيد تطور أداء الاقتصاد المحلي نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.8 في المئة في 2026. وتوقع البيان استقرار هذا النمو عند مستوى يزيد على 2 في المئة على المدى المتوسط (من 3 إلى 5 سنوات)، وأن ينمو القطاع غير النفطي بنسبة 2.7 و3 في المئة في عامي 2025 و2026 على الترتيب، واستقرار هذا النمو بنسبة تبلغ نحو 2.7 في المئة على المدى المتوسط. وفيما يتعلق بمستويات الأسعار أشارت البعثة إلى استمرار تراجع معدل التضخم الأساسي لدولة الكويت على أساس سنوي ليصل إلى نحو 2.4 في المئة في أغسطس الماضي، متوقعة مواصلة الانخفاض في متوسط معدل التضخم ليصل إلى نحو 2.3 و 2.1 في المئة في عامي 2025 و2026 على الترتيب، واستقراره عند نحو 2 في المئة على المدى المتوسط. وحول الحساب الجاري ضمن ميزان المدفوعات لدولة الكويت لفتت البعثة إلى استمرار الحساب الجاري بتحقيق فوائض مالية فيما ظلت الاحتياطيات الخارجية قوية في عام 2024، إذ بلغ فائض الحساب الجاري نحو 29.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي، متوقعا تباطؤ الفائض ليصل إلى نحو 22.9 و19.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عامي 2025 و2026 تواليا مدفوعا بتراجع أسعار النفط. 

وأكدت البعثة تحسن أداء الموازنة العامة بالكويت على الرغم من انخفاض الإيرادات النفطية، حيث تراجع عجز الموازنة العامة ليصل إلى نحو 2.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2024 /2025 مدفوعا بترشيد فاتورة الأجور وخفض دعم الطاقة، بما يتماشى مع أسعار الوقود العالمية وزيادة الإيرادات غير النفطية عبر رفع رسوم الخدمات الحكومية. وتوقعت أن يرتفع عجز الموازنة العامة ليصل إلى ما نسبته 8.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي أي بقيمة تبلغ نحو 4.2 مليارات دينار (حوالي 13.7 مليار دولار) في السنة المالية 2025 /2026 ونحو 9.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي أي بقيمة تبلغ نحو 4.6 مليارات دينار (حوالي 15 مليار دولار) في السنة المالية 2026 /2027 وذلك نتيجة ارتفاع الإنفاق العام وانخفاض الإيرادات النفطية. كما توقعت اتساع العجز ليصل إلى نحو 11.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي أي بقيمة تبلغ نحو 7 مليارات دينار (حوالي 22.8 مليار دولار) بحلول السنة المالية (2031 / 2032). ولفتت إلى استئناف الحكومة إصدار الديون السيادية بعد توقف دام قرابة عقد من الزمن، إذ تم إصدار سندات محلية بنحو 4.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وإصدار سندات خارجية بما يعادل نحو 1.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية شهر أكتوبر من عام 2025. وعن السياسة النقدية ذكر خبراء بعثة الصندوق أن نظام سعر صرف الدينار الكويتي المربوط بسلة (غير معلنة) من العملات يعتبر ركيزة ملائمة للسياسة النقدية، حيث ساعد في دعم استقرار الاقتصاد الكلي والوضع المالي على مدى سنوات عديدة بما في ذلك الحفاظ على معدل تضخم منخفض ومستقر نسبيا. 

وأكد الخبراء أن موقف «المركزي» الكويتي فيما يخص السياسة النقدية كان ملائما للاوضاع الاقتصادية المحلية، إذ قام بتخفيض سعر الخصم بنحو 75 نقطة أساس منذ سبتمبر 2024 ما يتماشى مع تحقيق أهداف احتواء معدلات التضخم واستقرار الناتج للقطاع غير النفطي. وفيما يرتبط بالاستقرار المالي، أشاد خبراء بعثة الصندوق بحصافة التنظيم المالي والمتطلبات الرقابية لـ «المركزي» ما انعكس على المحافظة على الاستقرار المالي ومتانة وقوة القطاع المصرفي الكويتي، إذ تجاوزت نسبة السيولة والرسملة للقطاع المصرفي الحد الادنى لمتطلبات بازل (3) وفقا لنتائج اختبارات الضغط التي أجراها «المركزي»، فضلا عن انخفاض نسبة القروض المتعثرة وتغطيتها بمخصصات كافية. وقال بيان «المركزي» إن البيان الختامي لبعثة «صندوق النقد» تضمن كذلك ارتفاع نمو الائتمان الممنوح للقطاع الخاص غير المالي على النحو الذي يدعم نمو القطاع غير النفطي. وعلى صعيد التحديات المرتبطة بالتوقعات الاقتصادية، قال خبراء بعثة الصندوق، إن الاقتصاد الكويتي يواجه مجموعة متنوعة من التحديات العالمية نتيجة اعتماده على النفط، لاسيما تقلبات أسعار السلع الأساسية وتباطؤ أو تسارع النمو العالمي والتغيرات في أوضاع المالية العالمية، موضحين أن التحديات المحلية الرئيسية تتغير بوتيرة الإصلاحات الهيكلية ومشاريع البنية التحتية المرتبطة بها الهادفة إلى تنويع الاقتصاد. وحول الإصلاحات الاقتصادية، أشار البيان الختامي إلى أن الكويت تسعى إلى التحول من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد ديناميكي ومتنوع في إطار رؤية الكويت 2035، إذ ازداد زخم هذه الإصلاحات بدءاً من سن قانون التمويل والسيولة، مؤكدين الحاجة إلى حزمة شاملة من الإصلاحات المالية والهيكلية. وعن الإصلاحات المالية لتعزيز الاستدامة المالية على المدى الطويل، شددوا على ضرورة ضبط أوضاع المالية العامة بشكل كبير على جانبي الإنفاق العام والإيرادات غير النفطية، مبينين أن الحد من الإنفاق الجاري يتطلب ترشيد الأجور من خلال ربطها بالأداء. ولفتوا إلى ضرورة التخلص التدريجي من الدعم الكبير للطاقة من خلال إعادة تسعير فاتورة الكهرباء والمياه والوقود للمستهلكين لتصل إلى متوسط أسعارها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. 

Ad

وبخصوص زيادة الإيرادات غير النفطية، أوضح ضرورة توسيع ضريبة دخل الشركات البالغ نسبتها 15 في المئة لتشمل جميع الشركات المحلية مع إدخال ضريبة السلع الانتقائية وضريبة القيمة المضافة المطبقتين بشكل واسع في دول مجلس التعاون، مشددين في الوقت ذاته على أهمية وضع إطار متوسط الأجل للمالية العامة بما في ذلك وضع إطار للقواعد المالية مع تحديد سقف للدين العام وهدف لرصيد الموازنة العامة غير النفطي. أما فيما يتصل بالإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو غير النفطي، فأشار البيان الختامي لبعثة الصندوق إلى ضرورة تنفيذ حزمة من الإصلاحات لتحسين بيئة الأعمال وإجراء إصلاحات في سوق العمل، بما يؤدي إلى تعزيز الإنتاجية وتحفيز النمو الذي يقوده القطاع الخاص.