يبدأ الطريق إلى الثبات بكلمة جامعة قالها رسول الله ﷺ: «واعلم أن النصرَ مع الصبر، وأن الفرجَ مع الكرب، وأن مع العسرِ يسراً».

فالنبي ﷺ يضع القاعدة الكبرى: أن الشدة ليست نهاية، بل بداية فتح. وأن البلاء ليس بعائق، بل ممرّ قوة. وأن الصبر ليس مشقّة، بل مفتاح النصر.

ثم يأتي قول عليّ بن أبي طالب ليُبرز وجهاً آخر من هذا المعنى فيقول: إذا نزلت بك الشِّدَّة، فاصبِرْ لها صبرَ الكرام، وقاوِمها مثلَ الرِّجال، فإنَّ الصبرَ عزٌّ، والجزعَ ذلّ.

Ad

يدعوك هذا القول إلى أن تواجه الشدائد بوقفة الكريم، وأن تقف أمام البلاء بصلابة العظماء، لأن الشدة لا تُهزم بالجزع، بل تُرفَع بالصبر والعزة.

فمن صبر، ارتفع قدره ولو كان في قلب المصيبة، ومن جزع، سقطت هيبته ولو لم يُصب بسوء.

الصبر ليس مجرد احتمالٍ صامت، بل مقام من مقامات العزة، حيث يبقى فيه القلب ثابتاً أمام القدر، واثقاً أن التدبير بيد الله.

أما الجزع، وهو الانهيار والتذمّر، فهو ذلّ للنفس أمام الحدث، كأنه يعلن الهزيمة قبل أن تبدأ المواجهة.

بينما الله سبحانه يقول: ﴿لا يُكلّف الله نفساً إلا وُسعها﴾.

فالصبر ليس تنازلاً ولا قبولاً بالعجز، بل انتصار داخليّ على الاضطراب، وإيمان بأن وراء الألم حكمة، وأن الفرج قادم في الوقت الذي يريده الله.

حين تنزل بك الشدة، لا تسأل: لماذا أنا؟ بل قل: كيف يريد الله أن أرتقي من خلالها؟

فالشدة بابٌ من أبواب التزكية، تكشف معدن النفس، لترتقي فيك القوة وليس الضعف، فاصبر لا لتنجو فحسب، بل لتتطهّر.

فالصبر عزّ، والجزع ذلّ. والعزة ميراث الصادقين في البلاء، يكفيك أنك حين تصبر، لست وحدك... ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ بل معك السند الأعظم.