تحوّل شاطئ بونداي الشهير في مدينة سيدني الأسترالية إلى مسرحٍ لواحدة من أعنف الهجمات التي تشهدها البلاد منذ حادثة بورت آرثر التي قُتل فيها 35 شخصاً بإطلاق نار جماعي عشوائي، إذ هاجم مسلحان يحملان بنادق نصف آلية، أمس، احتفالاً نظمته الجالية اليهودية في سيدني بمناسبة بدء عيد الحانوكا، ضم أكثر من ألف شخص، في منطقة تعج بالمتنزهين والسباحين وراكبي الأمواج والسياح، ما أدى إلى مقتل 11 شخصاً، إضافة إلى أحد المنفذين، في حين أُصيب نحو 29 شخصاً آخرين بجروح.

أحد مطلقي النار

  وذكرت المصادر أن المهاجمين فتحا نيرانهما على الاحتفال قبل أن يبدآ باستهداف المارة عشوائياً. وفي عمل وصف بالبطولي، تدخّل رجل أسترالي مسلم، يدعى أحمد الأحمد (43 عاماً) يملك محلاً لبيع الخضراوات وانتزع سلاح أحد المهاجمين ما اضطره إلى اللجوء لجسر مشاة قريب حوصر عليه هو وزميله، قبل أن تتمكن الشرطة من إصابتهما بالرصاص، فقُتل أحدهما في الموقع، وتم احتجاز الآخر. 

Ad

وبحسب وسائل الإعلام الأسترالية، فقد تم التعرف على أحد المهاجمين ويدعي نارفيد أكرم (24 عاماً) وهو يتحدر من أصول باكستانية، بينما جرى التكتم على هوية الثاني، إلى حين مثول «الجريدة» للطبع، وقالت الشرطة إنها تحقق في وجود مهاجم ثالث. 

وأضافت الشرطة أنها عثرت على عبوة بدائية الصنع في سيارة مرتبطة بالمهاجم الذي قُتل. وتحدثت وسائل إعلام أسترالية عن العثور كذلك على راية سوداء على سيارة مرتبطة بالمهاجمين، ولم يتضح حتى الساعة دوافع المهاجمين، وإذا ما كانت مرتبطة بحرب غزة أو بتنظيم إرهابي، خصوصاً أنه جاء بعد يوم من هجوم في مدينة تدمر السورية أسفر عن مقتل جنديين أميركيين ومترجم.

ووصفت السلطات الأسترالية الهجوم بالإرهابي، إذ قال رئيس الوزراء الأسترالي العمالي أنتوني ألبانيزي إن «الشر انفجر على شاطئ بونداي بما يفوق كل تصور»، مضيفاً «إنه هجوم موجّه ضد اليهود الأستراليين في اليوم الأول من عيد حانوكا، الذي يفترض أن يكون يوماً للفرح والاحتفال بالإيمان. عمل خبيث ومعاد للسامية وإرهابي ضرب قلب أمتنا». وبين القتلى الحاخام في حركة «حباد» إيلي شلانجر، الذي كان موفد الحركة إلى الحفل.

وندد مجلس الأئمة الفدرالي الأسترالي، وهو أكبر هيئة إسلامية في البلاد، بإطلاق النار «المروّع»، معتبراً أنها «لحظة لجميع الأستراليين، بمن فيهم الجالية المسلمة الأسترالية، للوقوف معاً بروح الوحدة والتعاطف والتضامن». 

من جهته، قال رئيس الجمعية اليهودية الأسترالية روبرت غريغوري، إن إطلاق النار «مأسوي» لكنه «كان متوقعاً». وأضاف غريغوري أنه «تم تحذير حكومة ألبانيزي مرات كثيرة، لكنها فشلت في اتخاذ إجراءات كافية لحماية الجالية اليهودية».

في المقابل، ندد الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ بما اعتبره «هجوماً مروعاً على اليهود»، داعياً السلطات الأسترالية إلى تكثيف الجهود المتعلقة بمكافحة معاداة السامية. أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فاتهم حكومة ألبانيزي بأنها «غذت معاداة السامية». وقال إن «سياسات ألبانيزي، التي تشمل الاعتراف بدولة فلسطينية، تشجع على كراهية اليهود، التي تعمّ شوارعكم الآن»، مضيفاً «نحن نخوض معركة ضد معاداة السامية العالمية، والطريقة الوحيدة لمكافحتها هي إدانتها ومحاربتها».

وفي حين اتهم مسؤول أمني إسرائيلي عبر صحيفة «إسرائيل هيوم» العبرية إيران بتنفيذ الهجوم، مشيراً إلى أن «طهران ووكلاءها كثفوا جهودهم لاستهداف مواقع إسرائيلية ويهودية حول العالم خلال الأشهر الأخيرة»، ذكرت تقارير أن الدولة العبرية تتحرى احتمالية تورط جماعات مسلحة، بما في ذلك «حزب الله»، و«حماس»، و«عسكر طيبة» الباكستانية المرتبطة ب«القاعدة».

ولاقى الهجوم إدانات دولية واسعة، إذ دان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الهجوم مؤكداً أنه «لا مكان لمعاداة السامية في هذا العالم»، وكان لافتاً إدانة طهران للهجوم، وذلك بعد أن طردت السلطات الأسترالية قبل مدة السفير الإيراني واتهمت طهران بالمسؤولية عن هجمات مرتبطة بمعاداة السامية.  

وخلال الحرب الوحشية التي شنتها إسرائيل على غزة، شهدت أستراليا سلسلة من الهجمات المرتبطة بمعاداة السامية على عدد من المعابد اليهودية والمباني والسيارات.