الانقسامات كانت العنوان العريض للمشهد السياسي في العاصمة اللبنانية بيروت أمس. وطفت على السطح الملفات الانقسامية جميعها من الانتخابات الرئاسية، الى التحقيق في تفجير مرفأ بيروت والتحركات القضائية الأوروبية في الانتهاكات المالية والمصرفية، وسط مؤشرات متعددة حول إمكانية تصاعد وتيرة التوتر السياسي، الذي يمكن أن تكون له أبعاد أمنية.

فقد فشلت جلسة مجلس النواب الحادية عشرة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولم يسجل أي تقدم سياسي، بل رفعت الجلسة على وقع الخلافات، وإصرار عدد من نواب التغيير والنواب المستقلين على الاعتصام داخل القاعة العامة للبرلمان، إلى حين انتخاب الرئيس، رغم الإنذارات التي وجّهت لهم بإغلاق الأبواب وقطع الكهرباء عن القاعة.

Ad

كذلك حضرت قضية التحقيق في تفجير مرفأ بيروت في الجلسة النيابية تصويتاً وتصريحاً، خاصة أن عدداً من النواب رفعوا صور ضحايا التفجير وطالبوا البرلمان بإصدار موقف واضح لاستكمال التحقيقات ومنع عرقلتها، وهو ما أدى إلى توتّر واشتباك كلامي بين نواب تغييرين وآخرين من حزب الكتائب مع نواب من حركة أمل.

خارج المجلس كان أهالي ضحايا الانفجار يعتصمون ويسعون لانتزاع تواقيع النواب على عريضة لاستكمال التحقيق، في ظل إصرار على تكثيف تحركاتهم وتصعيد وتيرتها لإنجاز التحقيق، ولو اقتضى ذلك المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية.

وأمام قصر العدل، نفّذ أهالي الموقوفين في تحقيقات المرفأ اعتصاماً طالبوا بإطلاق سراحهم، وقد شارك في هذه الوقفة نواب من «التيار الوطني الحرّ»، مما أدى إلى توتير الأجواء بين التحركين. وعلى وقع التهاب الشارع، كان سعر صرف الدولار يسجّل التهاباً أيضاً على حساب الليرة اللبنانية التي سجلت انهياراً قياسياً بوصول سعر الدولار إلى 50 ألف ليرة في السوق السوداء.

إنها التهابات قابلة لأن تنفجر في أي لحظة وبأي شكل من الأشكال ما لم يتم السعي الجدي لتنفيس الاحتقان القائم والآخذ بالتزايد. وعليه، فإن لبنان يجد نفسه على طريق يؤدي إلى مفترقين، إما الوصول إلى تسوية برعاية خارجية، عبر لقاء باريس الرباعي المرتقب بين الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر، وإمكانية الوصول إلى توافق بين العواصم المعنية والمهتمة بالملف اللبناني بما فيها طهران، وإما الذهاب إلى حالة من الانفجار الاجتماعي والأمني، والتي لن يكون أي طرف فيها قادراً على توقُّع مآلاته.