يكشف الفنان عثمان بوحمد في أعماله الفنية عن طاقة بصرية ثرية تتنقل بين الواقعية والانطباعية والتجريد، مقدماً تجربة فنية ناضجة تستند إلى فهم عميق للطبيعة واللون والذاكرة البصرية.

وفي هذا الصدد، قال بوحمد إن مجموعة الأعمال التي قدمها في معرضه الأول الذي أقيم الشهر الماضي بالجمعية الكويتية للفنون التشكيلية هو حصيلة رحلة فنية طويلة امتدت أكثر من 30 عاماً، تجول خلالها بين مدارس وأساليب متعددة، باحثاً عن صياغة تشكيلية تعبر عنه وتترجم رؤيته البصرية. وأوضح أن هذه السنوات منحته فرصة الإبحار في عوالم الفن التشكيلي، وخوض تجارب غنية على مستوى الخامات والموضوعات، مما جعله يتعامل مع اللوحة بوصفها مساحة مفتوحة للتجريب والاكتشاف المستمر.   وأضاف أن التنويع في الأساليب لم يكن ترفاً جمالياً بل ضرورة فنية دفعته إليها رغبة التجدد وعدم البقاء في دائرة واحدة، مؤكداً أن كل مرحلة من تجربته حملت بصمتها الخاصة، من الواقعية والانطباعية إلى التجريد والتعبير اللوني. وأكد أن «الفن بالنسبة لي رحلة وعي قبل أن يكون ممارسة تقنية، وما أقدمه اليوم هو انعكاس لتلك التحولات التي صاغت مسيرتي ودفعتني إلى استكشاف جماليات جديدة في كل عمل». وعما يخطط له، قال بوحمد إن طموحاته لا تزال مفتوحة، مؤكداً أن السنوات المقبلة ستشهد تجارب جديدة تعكس شغفه بالمغامرة الفنية والبحث عن أفق مختلف.

ويرى المتلقي في بعض أعمال بوحمد ذات الطابع الواقعي على سبيل المثال في لوحة حقول دوار الشمس أنه ترك مساحة مفتوحة للحياة والضوء، ومن خلال ريشته أعطى تفاصيل للأوراق والبتلات بدقة متناهية مع لمسات انفعالية ليخلق مشهداً نابضاً بالحركة والطاقة.  وفي أعمال أخرى يتجه بوحمد نحو الطبيعة الصامتة كما في سلال الفاكهة، حيث تجلت مهارته في التعامل مع العمق والظلال والانكسارات اللونية، مقدماً رؤية واقعية في أعلى درجاتها، كما حضر التراث في عمل « الفانوس» في علاقة مع ذاكرة المكان.  وفي مقابل هذا الفيض الطبيعي، يقدم بوحمد لوحة مختلفة تماماً توثق حرائق آبار النفط، ليعيد من خلالها استحضار ذاكرة الغزو وما حملته من وجع بصري، والدخان المتصاعد والأرض المتشققة يعكسان عمق الجرح، بينما تقف الدبابة في مقدمة اللوحة كشاهد على لحظة لا تنسى من تاريخ الكويت.

Ad