فقرتان في قانون الجنسية الكويتي تخلوان من المنطق تماماً، وإن كان قانون الجنسية الكويتي، الصادر سنة 59، بأكمله، لا شأن له بالمنطق ولا بأحكام العدالة التي يجب أن تتقدم على أي اعتبارات أخرى في إعمال النصوص القانونية.
لنقرأ الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة 13 لقانون الجنسية، الفقرة الرابعة تخول السلطة سحب الجنسية «إذا استدعت مصلحة البلاد العليا أو أمنها الخارجي»، ثم تفوض المادة إلى السلطة «جواز» سحب الجنسية ممن كسبها بالتبعية، أي أن المسألة «جوازية» وليست فرضاً على وزارة الداخلية لمَن كسب الجنسية بالتبعية. أيضاً الفقرة الخامسة من المادة ذاتها «تجيز» سحب الجنسية ممن كسبها بالتبعية متى كان مَن كسبها بصفة أساسية قد «... توافرت الدلائل لدى الجهات المختصة على قيامه بالترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاقتصادي أو الاجتماعي للبلاد أو انتمائه لهيئة سياسية أجنبية...».
فقط في هاتين الحالتين «سحب الجنسية» ممن كسبها بالتبعية مسألة جوازية، أما حين يكون الكلام عن الذي كسب الجنسية بالغش أو التزوير أو أقوال كاذبة (الفقرة واحد) أو حُكم عليه بحكم بات بعد منحه الجنسية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة... أو جريمة أمن دولة (الفقرة الثانية) أو فُصل تأديبياً من وظيفته لأسباب تتصل بالشرف أو الأمانة (الفقرة الثالثة) فيظهر أن سحب الجنسية لمَن كسبها بالتبعية مسألة وجوبية ولا تملك الإدارة «السلطة الجوازية» في سحبها، بل هو أمر وجوبي عليها.
أين العدالة والمنطق هنا؟... في حالات الغش والتزوير «يجب سحب الجنسية» ممن كسبها بالتبعية، أما في المسائل العمومية غير المحددة المطاطة، مثل «مصلحة الدولة العليا... أو الترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاقتصادي»، وهنا يبدو أن الخطر أكبر من الحالات الثلاث التي سبقتها، فمسألة سحب الجنسية من الذين كسبوها بالتبعية مسألة «جوازية» للسلطة!
ما هي جريمة الذين كسبوا الجنسية بالتبعية حسب الفقرات الأولى والثانية والثالثة أن تتم معاقبتهم لجريمة لا يعلمون عنها شيئاً، تتم محاسبتهم بفعل لم يقوموا به أساساً ولا يدرون عنه في الأغلب، ما شأنهم إذا كان والدهم أو جدهم أو غيره كسبوا الجنسية بطريق الغش أو التزوير أو غير ذلك من أمور مجرمة؟! ماذا عن أسر بكاملها تنام في المساء لتستيقظ صباحاً لتجد حالها قد أضحى بلا هوية بلا وجود إنساني؟! أضحوا أرقاماً لا قيمة لها وكأنهم والعدم سواء بسواء، فجأة أصبحوا بلا هوية... بلا وجود «كأشخاص» لهم حقوق وواجبات... أين يجدون الأمان؟! أين يجدون الطمأنينة؟! يتساءلون... ماذا فعلنا؟! ما الذي حدث؟! لا ندري...