بعد أقل من شهرين على وقف إطلاق النار الذي توسّط فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، استؤنفت الأعمال العدائية بين تايلند وكمبوديا، ما أسفر عن مقتل جندي تايلندي وأربعة مدنيين كمبوديين، وإجلاء آلاف الاشخاص من مناطق حدودية، بحسب الطرفين اللذين يتبادلان الاتهامات بالمسؤولية عن تجدد الاشتباكات.

وأُبلغ عن مناوشات على الحدود، أمس الأول، لكن التوترات تصاعدت ليل الأحد - الاثنين، واتهم كل من الطرفين الآخر بالمسؤولية عنها.

Ad

واتهم المتحدث باسم الجيش التايلندي وينتاي سوفاري القوات الكمبودية بإطلاق النار على القوات التايلندية في مناطق متعددة، مضيفاً أنه في وقت مبكر أمس في مقاطعة أوبون راتشاثاني قُتل جندي تايلندي وأصيب ثمانية بنيران الجيش الكمبودي.

وذكر وينتاي أن تايلند بدأت «باستخدام الطائرات الحربية لضرب أهداف عسكرية في عدة مناطق» لوقف هجمات القوات الكمبودية. وأوضح أنّ «الضربات الجوية دقيقة جدا وتُوجَّه فقط نحو أهداف عسكرية على طول خط المواجهة، من دون إلحاق أي ضرر بالمدنيين». 

وقال الجيش التايلندي إن قذائف المدفعية سقطت بالقرب من مناطق سكنية على الجانب التايلندي، ولكنه لم يسجل خسائر بشرية في صفوف المدنيين حتى الآن، مضيفاً أنه تم إجلاء نحو 35 ألف شخص من المناطق الواقعة على طول الحدود مع كمبوديا منذ تجدد القتال.

من جهتها، قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الكمبودية مالي سوشيتا، إن القوات التايلندية شنت هجوماً على القوات الكمبودية في مقاطعتي برياه فيهير وأودار مينتشي الحدوديتين في وقت مبكر من صباح أمس، متهمة تايلند «بإطلاق عدة قذائف دبابات على معبد تاموني توم» ومناطق أخرى بالقرب من معبد برياه فيهير. 

وأكدت سوشيتا أن كمبوديا لم ترد، مضيفة «تحث كمبوديا تايلند على الوقف الفوري للأنشطة العدائية التي تهدد السلام والاستقرار في المنطقة».

وقال ميت ميسفيكدي، المتحدث الكمبودي باسم إدارة مقاطعة أودار مينتشي، إنه تم الإبلاغ عن إطلاق نار في مناطق معبدي تاموني توم وتا كرابي اللذين يعود تاريخهما إلى قرون مضت، موضحاً أن «عدداً من القرويين الذين يعيشون بالقرب من الحدود يفرون إلى مناطق آمنة». 

وأفادت السلطات الكمبودية بإجلاء أكثر من ألف عائلة من مقاطعة أودار مينشي. وأعلن وزير الإعلام الكمبودي نيث فيكترا أن «الهجمات التايلندية» أسفرت عن مقتل أربعة مدنيين كمبوديين وإصابة نحو عشرة آخرين.

ودعا رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم الذي يرأس حالياً رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، الجانبين إلى ممارسة «أقصى درجات ضبط النفس».

وعلّق رئيس الوزراء التايلندي أنوتين تشارنفيراكول، قائلا: «إذا أراد أحد أن يُملي على تايلند ما يجب فعله، فأنصحه أولا بمطالبة من يهاجمها بوقف ما يقوم به».

وقال رئيس وزراء كمبوديا هون مانيت، إن مهام حكومته العاجلة هي حماية الشعب وسيادة البلاد. وكتب على «فيسبوك»: «أطالب جميع الوزارات والمؤسسات والسلطات على جميع المستويات، وأفرع القوات المسلحة، وكل المواطنين الكمبوديين بالوحدة خلف قضية الأمة والوطن في هذا الوقت الصعب».

وحث رئيس مجلس الشيوخ الكمبودي سامديتش تيكو هون سين «القوات الأمامية» على ضبط النفس و«التحلي بالصبر لأن المعتدين يستخدمون جميع أنواع الأسلحة لإطلاق النار علينا منذ يوم الأحد».

وتتصاعد التوترات منذ أن وقّعت الجارتان في جنوب شرق آسيا اتفاق هدنة في أكتوبر بضغط من ترامب الذي وصف الاتفاق بالتاريخي، بعد أن أدت نزاعاتهما الحدودية إلى خمسة أيام من القتال في يوليو الماضي أودت بحياة العشرات من الجنود والمدنيين.

وعلّقت تايلند في نوفمبر الماضي اتفاق وقف إطلاق النار، بعدما أدى انفجار لغم أرضي إلى إصابة أربعة من جنودها. واتهمت بانكوك جارتها مرارا بزرع ألغام جديدة على طول الحدود، في حين تشدد كمبوديا على أن هذه الألغام من مخلفات نزاعات سابقة. وحينها جدّدت بنوم بنه التزامها باحترام اتفاق وقف إطلاق النار. وتعهد الطرفان بسحب أسلحتهما الثقيلة، وتطهير المناطق الحدودية من الألغام، ومواصلة الحوار، لكن لم يُحلّ أي من القضايا الجوهرية حتى الآن. وتتنازع تايلند وكمبوديا منذ فترة طويلة على ترسيم أجزاء من حدودهما الممتدة على طول 800 كيلومتر، والتي يعود تاريخها إلى مرحلة الاستعمار الفرنسي.