في ثاني مباريات منتخب الكويت ببطولة كأس العرب، قرر المدرب البرتغالي روي سوزا أن يُفاجئ الجميع، لكن هذه المرة ليس بطريقة إيجابية، بل بتشكيلة مغايرة تماماً عن تلك التي خاض بها المباراة الأولى أمام مصر. وكأن الأداء السابق لا يعني شيئاً، أو أن الانسجام ووضوح الأدوار أمر ثانوي في قاموسه.
ما فعله سوزا لم يكن مجرد تدوير أو تغيير طفيف، بل عملية «نسف» للفريق، كأنه يبني من الصفر، ووسط بطولة رسمية عربية تحمل طابعاً تنافسياً وجماهيرياً وإعلامياً كبيراً. الفريق ظهر مفككاً، تائهاً، بلا هوية أو ترابط، ليضطر سوزا في الشوط الثاني للمباراة إلى التراجع عن مغامرته وإجراء إصلاحات متأخرة، محاولاً إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
لكن بيت القصيد ليس سوزا وحده، بل من أتى به وفكّر في التعاقد معه من الأساس، فإن كان هذا هو أسلوبه المعروف، وفلسفته الثابتة التي طبقها مع البحرين ونجحت في فترة أو بطولة معينة ومع فريق يمتلك الأدوات لتنفيذ هذه الفلسفة، فالسؤال هنا: مَن في اتحاد الكرة وافق على هذا النهج؟ وإن كانوا يعلمون بفكره ولم يتعاملوا معه بالحزم والوضوح، فالمصيبة أعظم. هل المطلوب أن يُجرب على حساب سمعة المنتخب وتاريخ الأزرق؟
وما زاد الطين بلّة، أن يخرج علينا رئيس الاتحاد بتصريح غريب ليهاجم من خلاله من يوجه النقد للمنتخب واللاعبين أو المدرب، ويطالب من يريد انتقاد اللاعبين أن يوجه حديثه إلى إدارة المنتخب، وهي بدورها «تنقله» إليهم! وكأننا في مؤسسة بيروقراطية تحتاج إلى تقديم «طلب رسمي» لتمرير رأي أو ملاحظة، ولم يتبقَ إلا أن يطلب من الإعلاميين والمنتقدين تقديم كتاب خطي موقّع ومختوم، يرفع لمكتبه للموافقة عليه قبل النشر أو البث... أي منطق هذا؟ وهل المنتخب ملك خاص لا يجوز الحديث عنه إلا بإذن مسبق؟!
لذلك، على رئيس الاتحاد وغيره أن يعرفوا ويعوا تماماً أن المنتخب ليس «شركة مساهمة مغلقة» يُدار بالتصاريح والإذن المسبق... وأنه ليس ملعب تجارب، والمدرب أو اللاعب الذي لا يلام أو يتعلم من خطأ مباراة سيكررها بثقة مريبة في المباراة التالية... وللأسف، الثمن ندفعه نحن.
بنلتي
المنتخب الوطني ملك الناس، ومن حقهم أن ينتقدوا، ويُحاسبوا، ويطالبوا بالتغيير... أما من لا يتحمل النقد فليجلس في بيته ويرحل بهدوء، وهذا منتخب الكويت بكل فئاتها وأطيافها وجماهيرها المحبة للأزرق لا العاشقة للكراسي وحب الظهور.