نظم المركز المالي الكويتي (المركز) مؤتمره السنوي، أمس، بعنوان «نظرة (المركز) المستقبلية لعام 2026: الاتجاهات والفرص الاستثمارية»، بحضور نخبة من خبراء «المركز» إلى جانب متحدثين دوليين بارزين من القطاع المالي لمناقشة تطورات الأسواق العالمية والإقليمية والعوامل التي تُشكّل ملامح الفرص الاستثمارية خلال العام المقبل.
وتضمن برنامج المؤتمر، الذي أقيم في فندق سانت ريجيس الكويت، جلسات حوارية معمّقة تناولت الاتجاهات الاقتصادية العالمية، وديناميكيات الأسواق الخليجية، ودورات القطاع العقاري، والدخل الثابت، والأسواق الخاصة، والائتمان الخاص، إلى جانب رؤى من قطاع الخدمات المصرفية الاستثمارية.
كما استعرض المشاركون كيفية إسهام التكنولوجيا والتغيرات التنظيمية والعوامل الديموغرافية في تشكيل تدفقات رأس المال وأداء القطاعات في المنطقة.
ويأتي هذا الحدث ضمن التزام «المركز» المتواصل بدعم المستثمرين عبر تقديم رؤى دقيقة مبنية على الأبحاث، وإتاحة الوصول إلى فرص استثمارية متنوعة.
واستهل المؤتمر علي خليل، الرئيس التنفيذي في «المركز»، بكلمة ترحيبية قال فيها: «مع تطلعنا لعام 2026، نشهد تغيرات واضحة ومؤثرة في البيئة الاقتصادية العالمية، حيث أصبحت التطورات التكنولوجية والتحولات في السياسات والمتغيرات الجيوسياسية من أهم العوامل التي تشكل القرارات الاستثمارية، ولا شك أن الاقتصادات القادرة على مواكبة هذه التحولات هي الأقدر على النمو واستثمار هذا التحول لمصلحتها».
زخم متزايد
وأضاف خليل أنه على مستوى المنطقة، وخصوصا الكويت، «نرى زخماً متزايداً للإصلاحات وتطوراً في تبني معايير الحوكمة، وتحديداً أكثر دقة لأولويات الاستثمار، بما يدعم آفاقاً اقتصادية أكثر استقراراً وقدرة على الصمود، وينعكس ذلك أيضاً في أداء السوق، حيث سجل المؤشر المحلي نمواً يتجاوز 25%، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين في مسار الإصلاح الاقتصادي».
وتابع: «تعد أسواقنا دورية بطبيعتها، وغالباً ما تظهر الفرص خلال فترات التقلبات، مما يجعل إدارة السيولة والمخاطر بشكل منضبط أمراً أساسياً، وعلى مستوى المنطقة، قمنا بتوسيع حضورنا في المملكة العربية السعودية، ثقة منا بآفاق نمو السوق السعودي، ونحن متفائلون بالمشهد الاقتصادي في الكويت، حيث تتمتع الدولة بفرص حقيقية وسوق رأسمالية قوية، تدعمها مشاريع قابلة للتنفيذ، وانخفاض مستوى الدين العام، وقدرة إقراض مرتفعة لدى القطاع المصرفي.
40 مليار دينار
وذكر أن الكويت تستعد لضخ ما يقارب 40 مليار دينار في قطاعات الإسكان واللوجستيات والطاقة والنفط والغاز خلال السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، وهو استثمار يحمل أثراً مضاعفاً مهماً على الاقتصاد الكلي.
وأوضح خليل أنه مع استمرار الإصلاحات الحوكمية والتنظيمية والمالية، والاستثمار في قطاع الإسكان واللوجستيات والبنية التحتية وقطاع النفط والتكنولوجيا، تضع الكويت أسساً متينة لعوائد مستدامة ولنمو قطاعات وأعمال جديدة، وبفضل قدراتنا المتنوعة، وخبرتنا العميقة، ومنصتنا الاستثمارية الموثوقة، فإن «المركز» يسخّر إمكاناته لدعم عملائه في مواكبة التغيّر بثقة واقتناص الفرص في الكويت والمنطقة والأسواق العالمية».
رؤية واضحة
من جانبه، قال عبداللطيف وليد النصف، العضو المنتدب لإدارة الثروات وتطوير الأعمال في «المركز»: إننا نؤمن بأن القرارات الاستثمارية السليمة تقوم على رؤية واضحة تستوعب تحولات الأسواق وتُدرك الفرص والتحديات المصاحبة لها»
وأضاف النصف «اننا، وبحكم دورنا كشريك في إدارة الثروات، نعمل على تحويل هذه الرؤى إلى حلول واقعية تدعم تطلعات الأفراد والعائلات وخططهم طويلة المدى، وتؤكد نقاشات المؤتمر أهمية الاستراتيجيات المبنية على التحليل والاستشراف، كما تعكس التزامنا بتزويد عملائنا بالأدوات والمعرفة التي تعينهم على اتخاذ قرارات مدروسة في بيئة مالية متغيّرة».
نظرة عامة على الأسواق العالمية
وافتُتحت فعاليات المؤتمر بعرض تقديمي قدمه جيوفاني ليوناردو، رئيس إدارة الاستثمار وعضو مجلس الإدارة التنفيذي في شركة شرودرز، استعرض خلاله أبرز ملامح التوجهات الاقتصادية العالمية لعام 2026.
وتناول العرض توقعات أسعار الفائدة، والنمو العالمي، ومستويات التضخم، وتحركات رؤوس الأموال، إلى جانب التأثير المتنامي للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في الأسواق العالمية.
وقال ليوناردو: مع اقتراب عام 2026، وفي ظل الاتجاهات الاقتصادية الكلية، فإن نظرتنا في شرودرز تجاه قطاع الأسهم إيجابية، مدعومة بارتفاع الأجور الحقيقية واستمرار نمو الأرباح، وتباطؤ معدلات التضخم، رغم عدم عودتها بالكامل إلى المستويات المستهدفة.
وأوضح أنه في عالم يشهد نمواً مستقراً، نحافظ على نظرة محايدة تجاه أدوات الدخل الثابت، مع تفضيل السندات قصيرة الأجل والميول نحو السندات الحكومية، نظراً لضيق هوامش الائتمان وما يخلقه ذلك من محدودية في تسعير المخاطر. وتابع أنه «بعد تحقيق مكاسب من الذهب، نعتمد حالياً موقفاً دون المحايد تجاه الأصول البديلة، مع التأكيد على استمرار دور الذهب كأداة تحوّط أساسية ضمن المحافظ، كما نرى فرصا قيّمة طويلة الأجل في الأسواق الخاصة والقطاع العقاري، بينما نترقّب التوقيت الملائم لتوسيع التعرض لفئة الأصول البديلة».
توجهات أسواق الخليج والكويت
وأدارت دينا الرفاعي، نائبة رئيس تنفيذي، إدارة الثروات وتطوير الأعمال في «المركز»، جلسة نقاشية بعنوان «الفرص في الأسهم والعقار والدخل الثابت» شارك فيها عدد من الخبراء المتخصصين في «المركز»، حيث ناقشوا أبرز اتجاهات أسواق الأسهم الإقليمية، والعقار، والدخل الثابت. كما سلطوا الضوء على المشهد الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي، مؤكدين الدور المحوري للإصلاحات المالية، واستقرار السياسات النقدية، وبرامج التنمية طويلة الأمد في تعزيز النشاط الاستثماري في المنطقة.
من جهتها قالت رشا عثمان، نائبة رئيس تنفيذي – الخدمات المصرفية الاستثمارية (أسواق المال والدخل الثابت) في «المركز»: «شهدت أسواق الدخل الثابت في عام 2025 أداءً قوياً مدعومة بخفض الفائدة وارتفاع أسعار السندات.
وأضافت عثمان أن مؤشر الدخل الثابت في الخليج سجل نحو 9% منذ بداية العام، وتواصل الحكومات الخليجية، ولا سيما السعودية والكويت وعُمان، تعزيز أسواق الدين ضمن جهود تنويع مصادر التمويل، مع استمرار الإصدارات السيادية التي ساهمت في تشكيل منحنى عوائد أكثر نضجاً.
وأوضحت أنه في عام 2026، نتوقع استمرار انخفاض الفائدة، كما تبقى السندات الخليجية جاذبة بعوائد أعلى من الأسواق الأميركية والأوروبية، إضافة إلى تنامي اهتمام المنطقة بالسندات الخضراء واستقطابها للمستثمرين الأجانب، ونرى أن التقلبات ستخلق فرصاً استثمارية».
فرص واعدة
وقدّم ميلاد إيليا، نائب رئيس تنفيذي – الاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «المركز»، قراءة حول القطاع العقاري قائلاً: «يشهد القطاع العقاري بعض الفرص الواعدة في قطاع الإسكان في الكويت، وفي قطاع المستودعات في الكويت والسعودية، مدفوعة بالاستثمارات المتنامية في البنية التحتية والتطورات الهيكلية التي تعيد تشكيل هذه القطاعات.
وأضاف إيليا أنه خلال الأعوام المقبلة، سيبرز محور رئيسي للمستثمرين من المؤسسات والشركات العائلية ذات المحافظ العقارية الضخمة، يتمثل في إعادة هيكلة محافظهم بحيث تكون أكثر استعداداً للمستقبل، وتحقيق القيمة عبر إعادة التنظيم وفصل دور المستثمر عن دور مدير الأصول.
انتقائية أكثر
من ناحيتها، قالت ليسا أمين، رئيسة تطوير أعمال العقار الدولي: «يدخل القطاع العقاري الدولي ضمن دورته الحالية مرحلة أكثر انتقائية، الأمر الذي يتطلب دراسة دقيقة للأصول والشراكة مع مطورين ومشغلين على مستوى عالٍ، في الولايات المتحدة الأميركية، وعبر الأسواق الأوروبية الرئيسية، لا يزال الطلب طويل الأجل في القطاع اللوجستي والسكني والأصول ذات الاستخدامات الخاصة، مدعوماً بتغيرات هيكلية وبمحدودية في العرض.
وأضافت أمين أنه مع إعادة التسعير الحالية، نرى فرصاً استثنائية للاستثمار في الأصول العقارية القادرة على تقديم أداء مستدام عبر مختلف مراحل الدورة العقارية.
محركات نمو وطلب ديموغرافي
من جانبه، قال محمد العبد القادر، نائب رئيس أول – إدارة استثمارات الأسهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «المركز»: «تواصل أسواق الأسهم الخليجية الاستفادة من محركات النمو الهيكلية المدعومة بالطلب الديموغرافي والإصلاحات التنظيمية واستقرار مستويات السيولة وتطوير المشاريع الكبرى والعوامل الإسكانية واللوجستية، هذه العوامل تمنح رؤية أوضح لعدد من القطاعات، وعلى رأسها قطاع التمويل والإنشاء والصناعات والعقار واللوجستيات.
عائد ومخاطر
وقدّم عبدالعزيز الهاجري، محلل أول – إدارة العقار الدولية، «المركز»، عرضاً متخصصاً حول دورة القطاع العقاري العالمية، مستعرضاً مواقع الأسواق الدولية ضمن مراحل الدورة الحالية، وانعكاس ذلك على مستويات العائد والمخاطر وقرارات تخصيص الأصول.
وأوضح الهاجري أن فهم موقع السوق ضمن الدورة العقارية يعد عاملاً حاسماً في تحديد الفرص الاستثمارية، لاسيما تلك المدعومة بأساسيات تشغيلية واضحة وتوازنات طلب طويلة الأمد، مؤكداً أهمية انتقاء الفرص ذات الجودة العالية في القطاعات التي تُظهر متانة هيكلية وقدرة على التكيّف مع المتغيرات.
وشهد المؤتمر جلسة نقاشية بعنوان «الأسواق الخاصة – آفاق جديدة للنمو» أدارها كاشيش تاندون، نائب رئيس تنفيذي، إدارة الاستشارات الاستثمارية، «المركز»، وشارك فيها خبراء من شركات مالية عالمية رائدة شملت بلاكستون، بلاك روك، غولدمان ساكس، وماكواري، حيث تناول المتحدثون الدور المتنامي لفئة الأسواق الخاصة والائتمان الخاص ضمن المحافظ الاستثمارية المتنوعة، مؤكدين اتساع جاذبيتها كأداة استراتيجية للنمو طويل المدى وتنويع مصادر العائد.
وقدّم أندرو بارك، مدير عام – بلاكستون كريدت آند إنشورنس (BXCI)، نيويورك، رؤيته حول مسار الائتمان الخاص، قائلاً: أصبح تخصيص جزء من المحافظ نحو الأسواق الخاصة قراراً أساسياً للعملاء من ذوي الثروات، مدفوعاً باتساع فرص الاستثمار عبر فئات الأصول المختلفة، مثل الائتمان الخاص والأسهم الخاصة والبنية التحتية والعقار، مما يزيد من إقبال المستثمرين المؤهلين الأفراد على هذه الفئة من الأصول».
عصر جديد
كما تناولت هانا واليس، رئيس استراتيجية الاستثمارات البديلة المتعددة، منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، بلاك روك، آفاق نمو القطاع ضمن فئة الأدوات البديلة، قائلةً: «ندخل اليوم عصراً جديداً لم تعد فيه الاستثمارات البديلة خياراً ثانوياً للعملاء، حيث يتجه القطاع نحو تجاوز 32 تريليون دولار من الأصول تحت الإدارة بحلول نهاية هذا العقد.
وأضافت واليس أنه مع استمرارنا في توسيع نطاق الوصول إلى استثمارات الأسواق الخاصة ذات الجودة المؤسسية عبر حلول جديدة تتمتع بالسيولة، نرى أن محافظ العملاء من ذوي الملاءة العالية في المستقبل ستتجاوز النموذج التقليدي لتوزيع الأصول بنسبة 60/40 لتشمل ما يصل إلى 20% في الأصول الخاصة.
بيانات أوسع
وقالت فيكتوريا بيكر-دولي، عضو منتدب لتنمية رأس المال في الملكيات الخاصة – أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، غولدمان ساكس: «مع ارتفاع نشاط الصفقات في الأسواق الخاصة، سيحصل المستثمرون على بيانات أوسع لتقييم سجل أداء مدراء الأصول عند ضخ رؤوس أموال جديدة في شراكات قائمة أو جديدة.
وفي المقابل، سيحتاج مديرو الأصول إلى تحديد مجالات النمو الاستراتيجية التي تتجاوز وتيرة النمو الاقتصادي الكلي، وقد يتطلب ذلك إعادة توجيه بعض الاستثمارات جغرافياً.
وأضافت أنه من المرجح أن يستمر التوجه نحو القطاعات الأعلى نمواً، ومع التطور السريع في علوم البيانات والذكاء الاصطناعي والأتمتة، تتزايد فرص تعزيز نمو الإيرادات ورفع مستويات الكفاءة.
توجهات عالمية
كما استعرض إلياس بنجلون، استراتيجية المحافظ، صندوق ماكواري للبنية التحتية، التوجهات العالمية في تمويل الأصول والاستراتيجيات المرتبطة بالائتمان الخاص، قائلاً: «أصبحت الفرص في الأسواق الخاصة اليوم ضرورة متزايدة للمستثمرين المؤهلين والمحترفين الذين يهدفون للابتعاد عن النموذج التقليدي القائم على الأسهم والسندات والتحول نحو تنويع الاستثمارات وتحقيق عوائد أكثر صلابة، وذلك بعد أن كانت هذه الفئة حكراً على المستثمرين المؤسساتيين».
توجهات الشركات
وقدّم أحمد الفلاح، العضو المنتدب، الخدمات المصرفية الاستثمارية، «المركز»، وفيّ البدر، مديرة في إدارة الخدمات المصرفية الاستثمارية (الاستشارات والاندماج والاستحواذ) في»المركز»، عرضا مشتركاً تناول أبرز الاتجاهات التي تُعيد تشكيل توجهات الشركات في المنطقة.