في ظل تعثّر الدخول بالمرحلة الثانية من مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب بين إسرائيل و«حماس»، وإعادة إعمار القطاع الفلسطيني، حذر رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن من أن المفاوضات التي تتوسط بها بلده، إلى جانب مصر وتركيا والولايات المتحدة، بشأن غزة، تمر بمرحلة حرجة.

وقال بن عبدالرحمن، خلال جلسة ضمن فعاليات منتدى الدوحة بقطر، أمس، إن الوسطاء يعملون معاً لدخول المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ منذ 10 أكتوبر الماضي، مضيفاً أن «الهدنة في غزة غير مكتملة من دون انسحاب إسرائيلي كامل من القطاع، وعودة الاستقرار، وتمكن السكان من الدخول والخروج، وهذا ليس الحال اليوم».

Ad

وعلى هامش المنتدى، بحث بن عبدالرحمن مع وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي الأوضاع الميدانية في غزة، وتشكيل قوة الاستقرار الدولية التي تنص المرحلة الثانية بخطة ترامب على تشكيلها ونشرها في مناطق بالقطاع.

وأكد الوزيران سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية، وتمكينها من أداء ولايتها في القطاع، وشددا على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وذكرت وزارة الخارجية المصرية أن المسؤولين أكدا أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى تنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بكل مراحله، وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803.

وفي تصريحات منفصلة، قال عبدالعاطي إن معبر رفح «لن يكون بوابة لتهجير الفلسطينيين بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية»، داعياً إلى نشر «قوة استقرار دولية على الخط الأصفر في قطاعة غزة بأقرب وقت».

في موازاة ذلك، شدد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على أن «الهدف الرئيسي لقوة إرساء الاستقرار في غزة يجب أن يكون الفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين على الحدود»، لافتاً إلى أن المفاوضات بشأن قوة الاستقرار لا تزال مستمرة، بما في ذلك بحث تفويضها وقواعد الاشتباك.

وجاء ذلك غداة إعراب كل من مصر والسعودية والإمارات والأردن وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، عن قلقها إزاء التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح باتجاه واحد لإخراج سكان غزة إلى سيناء.

وشدد بيان مشترك للدول ال 8 على الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مع التأكيد على ضرورة الالتزام الكامل بخطة ترامب، وما تضمنته من تهيئة الظروف المناسبة لسكان غزة للبقاء على أرضهم والمشاركة في بناء وطنهم.

تعديل وتقسيم

وأتى ذلك بعد حديث عابر لترامب عن أن المرحلة الثانية من خطته للسلام «ستخضع للتعديل قريباً جداً».

وفي وقت لم تتضح ماهية التعديلات المحتملة، تحدث خبراء عن إمكانية تفعيل «البند 17» في الاتفاق، الذي سمح بوقف النار الهشّ وتبادل إطلاق المحتجزين والجثامين بين إسرائيل و«حماس»، وهو ما قد يمهّد لتثبيت الوضع الميداني القائم حالياً بانقسام القطاع إلى نصفين. 

وينص البند على أنه «في حال أخّرت حماس أو رفضت المقترح، فإن العناصر المذكورة به، بما في ذلك عملية المساعدات الموسعة، ستنفذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية»، وهو ما يعني عملياً تقسيم غزة إلى مناطق تحت سيطرة الحركة، وأخرى تحت سيطرة إسرائيل أو القوة الدولية التي تعمل واشنطن على تشكيلها ونشرها لتحل محل جيش الاحتلال.

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بالمرحلة الأولى، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب جيش الاحتلال بما يعادل نصف مساحة القطاع، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن المرحلة الثانية المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب ونزع السلاح، حيث ترفض «حماس» تطبيق البند الأخير.

الهيئة الدولية

من جانب آخر، يتجه ترامب إلى الإسراع في الاعلان عن تشكيل هيئة دولية ستكلف بإدارة القطاع.

وكشفت مصادر مطلعة أنه من المتوقع الإعلان عن الهيئة قبل نهاية العام الحالي، وكذلك الشروع في نشر قوة الاستقرار الدولية أوائل العام المقبل.

ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية، عن مصادر رسمية عربية وغربية، أن الهيئة المعروفة باسم «مجلس السلام»، التي سيرأسها ترامب، ستضم نحو 12 زعيماً آخرين من الشرق الأوسط والغرب، لإدارة غزة، مع التركيز على إعادة إعمارها تحت التفويض الأممي.

وكشفت المصادر أنه سيتم الإعلان عن لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين ستتولى إدارة شؤون غزة بعد الحرب، في خطوة يرجح الكشف عنها خلال لقاء مرتقب ديسمبر الجاري بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ولفتت إلى أن مفاوضات ستبدأ بين إسرائيل و«حماس» حول المرحلة الثانية، لكنها توقعت أن تكون صعبة، لا سيما فيما يتعلق بنزع السلاح والانسحاب الإسرائيلي من أجزاء من غزة.

خروقات وضحايا

ميدانياً، واصل جيش الاحتلال ارتكاب خروقات جديدة لاتفاق وقف النار، وشنّت مقاتلات إسرائيلية غارات عنيفة على مناطق تحت سيطرة جيش الاحتلال في مدن غزة وخان يونس ورفح ومخيمي البريج والمغازي، تزامناً مع أعمال نسف لمبانٍ سكنية في مناطق متفرقة من القطاع. وذكر الجيش أنه قتل 3 أشخاص أثناء محاولتهم عبور «الخط الأصفر» شمالي غزة. 

في سياق قريب، توعد الزعيم الجديد لميليشيا «القوات الشعبية»، غسان الدهيني، بمواصلة محاربة «حماس» في جنوب غزة بوتيرة أكبر، بعد يومين من مقتل سلفه ياسر أبوشباب في حادث غامض تضاربت الروايات بشأن طبيعته.

وأكد الدهيني، في تصريحات لمواقع عبرية، أن «القوات الشعبية» مازالت تعمل بعد الحادث الذي أطاح بقائدها السابق، وأرجعه البعض إلى خلافات داخلية وعشائرية.