ضمن جهود حملتنا الوطنية لمكافحة الشهادات الوهمية والمزوّرة، قدمنا في 13 يناير 2016، خلال اجتماعنا مع رئيس ديوان الخدمة المدنية، كتاباً للمطالبة بفحص صحة شهادات موظفي الدولة، فتوجس من إمكانية تنفيذ ذلك لضخامة العدد، فشرحنا سهولة تحقيق ذلك مع استعدادنا للمساعدة، لكن مطالبتنا هذه لم تتحقق.
وفي نفس الاجتماع، كشفنا له مساوئ منح إجازة أداء الاختبار التي تُستغل لاختلاس شهادات عليا دون إجازة دراسية من جامعات مضروبة، كشهادات ال «ويك إند»، فوعد بالنظر في الأمر، وما إن انتهى الاجتماع وخرجنا من مكتبه، حتى استدعانا ليخبرنا بموافقته، وقام مشكوراً بوقفها.
وقد استمرت حربنا على الشهادات المضروبة والغش نحو عشرة أعوام، تقدّمنا خلالها بقانون لحظر استعمال الشهادات غير المعادَلة، وأُقر في 2019 بالإضافة إلى قانونَين آخرَين للغش والسرقات العلمية، وفي مارس العام الماضي، أصدر رئيس الوزراء السابق، الشيخ د. محمد الصباح، قراراً بفحص شهادات موظفي الدولة، مواطنين ومقيمين، ويعتقد أنهم بدأوا بالمواطنين موظفي وزارة التربية، حتى صدرت في 30 نوفمبر الماضي مطالبة من ديوان الخدمة للإشرافيين ب «التربية» بتقديم معادلة شهاداتهم الحاصلين عليها من الخارج. وقد شكرنا د. محمد آنذاك، وطالبناه بإزاحة وزير التربية والتعليم العالي بوزارته، وهو ما تحقق لاحقاً بفضل القيادة السياسية، كما طالبنا بوقف ترقية أحد دكاترة الجامعة لقصور مؤهلاته، فحقق ذلك مشكوراً.
إنه شعور جميل أن تتصدر حرباً للإصلاح، فتتحقق آمالك ولو بعد عشرة أعوام، وعليه نشكر مجلس الوزراء الموقّر لتشكيله هذه المرّة لجنة لفحص الشهادات، إلا أننا نوصي المجلس بأن يأخذ ملاحظاتنا بعين الاعتبار، كأن لا يكون أحد أعضائها منتمياً إلى التيارات الدينية السياسية، أو كان مسؤولاً في يوم من الأيام عن تعيين أصحاب الشهادات المضروبة، ولدينا الأدلة على ذلك، كما يُفضَّل أن يترأس هذه اللجنة أحد المتمرسين بهذا الملف الشائك، وأن تضم أطرافاً من خارج الجهاز الحكومي، كمشاركين ومراقبين من المجتمع المدني.
إن اللجنة بحاجة إلى متخصصين يفككون ملف الشهادات العلمية التي لن تقتصر صحتها على الناحية الشكلية بالقدر الذي يعتمد على أمور أخرى أكثر تعقيداً، كما يجب فحص جميع الشهادات منذ سنة 2000، كما أشار د. محمد الصباح في السابق كمرحلة أولى، ثم علينا فحص فترة التسعينيات كمرحلة ثانية، فالاستيلاء على المال العام لا يسقط بالتقادم، وعلى اللجنة فتح أبوابها لتلقي البلاغات وملاحقة حتى مَن أزالوا حرف الدال عن مواقعهم الإلكترونية، حيث لا تزال هناك صحف تسميهم ب «دكتور»! فبعضهم استولوا بشهاداتهم المزوّرة على مناصب بدعم من مسؤولين حكوميين، وأحدهم موجود باللجنة الحالية!
لقد حاربتنا تيارات سياسية دينية آنذاك، بعدما فضحنا لحاهم المستعارة بشهادات مضروبة، وهددوا وقدّموا ضدنا البلاغات والدعاوى، فأسقطها سبحانه وخسروها جميعاً، ورجعوا صاغرين.
ولقد قلناها يوماً لمعالي نائب رئيس الوزراء الشيخ فهد اليوسف، بديوان الفاضل عادل الزواوي، الذي ندعو له بتمام الشفاء، إن ما حققه أمير الحزم قد فاق أحلامنا بالإصلاح، ونأمل اليوم أن يستمر حزمه لاستكمال تطهير ملف التعليم الذي قدّمنا له القوانين، فأُقر أحدها، ولا تزال أخرى على طاولة رئيس الوزراء الذي نشكره ومجلسه اليوم على تشكيل لجنة لفحص الشهادات العلمية، آملين الأخذ بملاحظاتنا حتى لا نضطر لجرح شكرنا الوارد في عنوان المقال بكلمة «ولكن»!
***
إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.