البراغماتية والنرجسية مع صفات الرئيس الأميركي التي لازمته خلال فترة رئاسته الأولى والحالية، الصفة الأولى محمودة في عالم السياسة، أما الثانية فلا تتناسب وطبيعة المنصب الذي يتولاه كرئيس للولايات المتحدة من وقار وكياسة دبلوماسية عند لقائه بالزعماء ورؤساء الحكومات، فهو يتصرف معهم بأسلوب فج قد يصل أحياناً إلى حد الإهانة.

تتجلى هذه الصفة من خلال حبه للظهور الإعلامي المكثف غير المعتاد، والإفصاح عن مشاعره باتباع ثنائيات المدح والذم «هذا أحبه»، و«هذا لا أحبه» مع استخدام لغة الجسد تجاه الشخصيات التي يلتقيها، بل أحياناً يتعمد استخدام أسلوب التوبيخ المباشر.

Ad

من السمات التي تظهر أيضاً عليه محدودية المفردات اللغوية واقتصارها على مجموعة ضيقة وتكرار الكلمات في سياقات متعددة، وقد يكون قاصداً ذلك بسبب تبنيه خطابات شعبوية بعيدة عن التعقيد والدبلوماسية التقليدية.

بالإضافة لكل ما سبق، فإن الرجل قد عرف قيمة منصب رئيس أقوى دولة في العالم على الصعيد العسكري والاقتصادي والسياسي، وعلى ضوء ذلك يرفع من سقف الفوقية بهدف فرض إملاءاته، لكنه في المقابل تجده يتصرف بكياسة من شخصيات بعينها، لكنه في النهاية يذيل تلك اللقاءات بالمكاسب المعنوية والمادية حتى إن كانت عادية.

ما يميزه أيضاً قناعاته التي تتشكل بحسب المكان والزمان، ولتقريب الصورة نرجع إلى خطابه في الكنيست الإسرائيلي، وكيف عرّف عن نفسه بأنه الصَدِيقٌ الوَفِيٌّ لإسرائيل، وأنه دافع عنها في حربها مع إيران، وزودها بالأسلحة والمعلومات الاستخبارية في حربها مع غزة، وأنه الرئيس الذي نقل سفارة أميركا إلى القدس.

وعلى نقيض ذلك الموقف إعلانه عدم موافقته على قرار الكنيست بضم الضفة الغربية لها، بل انه وعد بأن ذلك لن يحدث، حيث يعد هذا التصريح بمثابة تحول كبير في العلاقات التي تجمع إسرائيل مع أميركا، ودفعها إلى تنفيذ بنود الاتفاق والهدنة المبرمة مع «حماس».

شخصية كهذه يصعب التنبؤ بتصرفاتها خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بالمال أو بالمصالح الأميركية، ومع ذلك وبين الوعيد والتهديد هناك دائماً خط رجعة يتخذه هذا الرجل ذو القرارات المفاجئة التي لا تخلو من حسابات الربح والخسارة في آن واحد، بل إنه سرعان ما يغير من موقفه عندما يكتشف أن الخطوة التي اتخذها خاطئة كما فعل مع الصين ودول أخرى عديدة.

محطات أخرى:

الرئيس ترامب لن يقوم بأي حماقة، ولن يسعى لتوريط أميركا في حرب شاملة مع أي دولة صغيرة كانت أو كبيرة لسببين: الأول رغبته الشخصية في الحصول على جائزة نوبل للسلام، والثانية تآكل شعبيته في الداخل الأميركي، والتي قد تطيح برئاسته قبل إكمال مدة الأربع سنوات، وما المناورات الخطابية التي يطلقها حول إمكانية ترشحه لولاية ثالثة إلا أحد أساليبه التي تشبه الغصن الطري الذي ينحني أمام العواصف ليعود إلى طبيعته.

وبين فترة يطرح أفكاراً ويعتمد قرارات مفاجئة، المهم أن يبقى في دائرة الضوء حتى يظل محور الكون.

- شاهدنا الرئيس ترامب وهو يقدم إعجابه واحترامه لبعض الشخصيات التي التقاها، إما لسبب استباقيتهم التفاوضية، أو لثقتهم واعتزازهم بنفسهم والتحضير الجيد والمبادرة في طرح المواضيع.

ودمتم سالمين