ويتجدَّد في الثالث من ديسمبر من كل عام الاحتفال باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة. فما أجملها من مناسبة نُحرِّك فيها مشاعرنا، ونُوقظ فيها إنسانيتنا، لنستشعر مشاعرهم، ونتنفس مخاوفهم، وتنبض قلوبنا بأوجاعهم.
فهذه المناسبة العالمية أطلقتها الأمم المتحدة في عام 1992 بهدف تعزيز ثقافة الوعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وضمان إشراكهم في المجتمع، ودمجهم فيه، فوجب على مجتمعاتنا احتضان التنوُّع البشري، وتمكين كل فردٍ منهم، واكتشاف التحديات والعراقيل التي باتت سداً يعوق حياة الكثيرين منهم.
ولتحقيق هذا الدمج المجتمعي، يجب علينا كأفرادٍ ومجتمعات العمل على عدة أمور، منها: تطبيق كل القوانين والتشريعات التي تضمن حقوق هؤلاء الأشخاص، متمثلة بالحق في التعليم والصحة والعمل دونما تمييز.
أما على صعيد المنشآت والمباني المختلفة، ووسائل النقل وكل المرافق، فيجب ضمان أن تكون تصاميمها متوافقة مع المعايير الصحية، ومزودة بجميع التسهيلات والعلامات الدالة، مثل: توفير ممرات مهيأة، وإشارات ذكية، ووسائل نقل عامة تُراعي احتياجات كل فئة.
وفي عصر التحوُّل الرقمي والذكاء الاصطناعي، يجب أن تلتزم كل جهات الدولة بتزويد منصاتها الرقمية ومواقعها الإلكترونية بتقنيات مُساعدة تُتيح لهذه الفئة سهولة التصفُّح والقراءة والتعلُّم. فقد أثبتت التكنولوجيا أنها بوابة قوية لفتح آفاقٍ جديدة أمام الأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال الاستثمار الناجح في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والأجهزة المساعدة، والتعلُّم عن بُعد.
وفي حديثنا عن التعليم، يجب أن يعي المسؤولون أن دمج الأطفال ذوي الإعاقة في المدارس مع بقية الأطفال ما هو إلا خلق بيئة تفاعلية أخلاقية تقبلية، تُؤسس مجتمعاً أكثر وعياً ونُضجاً وتفاعلاً. وكل هذا لا يتحقق إلا بتدريب الكادر التعليمي، وصياغة مناهج محكمة، وتطبيق وسائل علمية وتربوية تمكِّن الطفل من الاندماج والإبداع مع نظائره.
إضافة إلى ما سبق، للبرامج التدريبية دور فعَّال في هذا السياق، حيث يجب إطلاق برامج تدريبية خاصة للأشخاص ذوي الإعاقة تقدِّم لهم كل المهارات المهنية والحرفية والتقنية التي تعينهم في مسار حياتهم ومستقبلهم المهني الذي يتحقق عن طريق الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص.
ولا ننسى الدور الإعلامي في أهمية تنظيم حملات إعلامية وتوعوية، لنشر ثقافة الدمج المجتمعي، ونبذ النمطية السلبية عن طريق ذكر قصص النجاح الملهمة، والبرامج التي تعزز ثقافة احترام الاختلاف.
ختاماً، إن اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة ليس مجرَّد ذكرى عابرة، بل نداء لتجديد الالتزام العالمي ببناء عالمٍ منصف وعادل يتسع للجميع. فالتمكين الحقيقي لا يتحقق بزيف الشعارات، بل بصِدق الخطوات.