ما نشهده من تعصّب وتحزّب أيديولوجي في أميركا هو نتيجة مباشرة لانحراف الجامعات عن رسالتها، فقد تحوّلت قاعات كثيرة إلى أماكن تلقين، يتبنّى فيها بعض الطلاب الأرثوذكسية اليسارية السائدة، في حين ينجرف آخرون إلى تطرّف مضاد، ويتراجع بذلك السعي إلى الحقيقة.
الحلّ هو العودة إلى جوهر التعليم الليبرالي: تنمية الفضول والانفتاح والتواضع الفكري والصرامة التحليلية. ليس دور الجامعة إخبار الطالب بما يعتقده، بل تدريبه على التفكير النقدي عبر مصارعة أفضل ما كُتب وقيل عبر العصور، في هذا النموذج، يُشجَّع الاعتراض، وتُختبر المسلّمات، وتكون الحجّة هي العملة الوحيدة المقبولة.
لقد رأيت هذا النهج ينجح في برنامج «جيمس ماديسون» ببرنستون، حيث نرفض الاختبارات الأيديولوجية ونفتح باب النقاش أمام كل فكرة. مبادرات مشابهة تنتشر اليوم في هارفارد وبنسلفانيا وشيكاغو وجونز هوبكنز، وفي برامج الحوار المدني بالجامعات الحكومية في عدد من الولايات.
لكن سنوات من عدم التسامح اليساري خلقت مناخاً خانقاً، وأطلقت تطرّفات يمينية سامة. وما يحدث في المجتمع يعكس فشل الجامعات في تعليم التفكير الحر. واجبها الآن إعادة الاعتبار للحقيقة وتخريج مواطنين أكثر حكمة ومسؤولية.
* روبرت ب. جورج