في ضربة لجهود إسرائيل الرامية لإيجاد قوة فلسطينية محلية يمكنها إدارة غزة بعيداً عن «حماس» والسلطة الفلسطينية المتمركزة في الضفة الغربية، أفادت تقارير عبرية بمقتل ياسر أبوشباب زعيم ميليشيا «القوات الشعبية»، المناهضة للحركة الإسلامية، على يد مجموعة مسلحة في «المنطقة الصفراء» الخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال شرق رفح اليوم.
وفي ظل عدم اتضاح هوية الجهة التي تقف خلف العملية بشكل حاسم، أشارت المعلومات الأولية إلى أن علاقات أبوشبّاب، المتحدر من قبيلة الترابين، والذي سبق أن أعلن عن تشكيل قواته بهدف إنهاء سلطة «حماس»، مع العشائر العربية بجنوب القطاع، شهدت خلال الفترة الأخيرة توترات متصاعدة وجدلاً داخل دائرته المقربة وبالمنطقة جراء تنسيقه غير المعلن مع إسرائيل.
وبينما ذكرت تقارير، نقلا عن شهود عيان، أن مسلّحين ترجلوا من مركبة بعد أن نصبوا كميناً وأطلقوا النار باتجاه زعيم الميليشيا من مسافة قريبة وأردوه، تحدثت مصادر أخرى عن وقوع اشتباك مسلح بين عناصر حماية أبوشباب وعناصر مجهولة تمكنت من قتله قبل أن يفرّوا من المكان.
وأكدت أوساط إسرائيلية أنه سيتعين على جيش الاحتلال التحقيق في كيفية تجاوز عناصر يعتقد أنها تتبع «حماس» للخط الأصفر وتصفية أبرز منافس للحركة داخل منطقة السيطرة الإسرائيلية في غزة.
في غضون ذلك، واصل الجيش الإسرائيلي شن غارات على مناطق متفرقة في رفح وخان يونس وجباليا، بعد اتهامه «حماس» بخرق وقف النار.
من جهة ثانية، تفقد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، الفرقة 80 المسؤولة عن تأمين الحدود مع مصر، محذراً من «تهديدات معقّدة» تتشكل على أكثر من جبهة، ومؤكداً أن أمن منطقة النقب المتاخم لسيناء المصرية «مرتبط بالاستيطان».
جاء ذلك بعد يوم من صدام مصري إسرائيلي بشأن الاتفاق حول إعادة تشغيل معبر رفح، إذ أكدت السلطات العبرية أنه سيفتح لخروج الفلسطينيين فقط، فيما نفت القاهرة التوصل إلى أي اتفاق، مؤكدة أن تهجير سكان غزة عبر أراضيها يندرج تحت خطوطها الحمراء، وأنها لن تسمح بذلك.
اتفاق ترامب
ومع إلقاء التطورات الميدانية مزيداً من الظلال القاتمة بشأن مستقبل اتفاق وقف النار وسط تبادل الاتهامات بين «حماس» وإسرائيل بشأن خرقه، سعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التأكيد على أن اتفاق غزة صامد، رغم إقراره بوقوع بعض المشاكل عقب شن جيش الاحتلال سلسلة ضربات أدت إلى مقتل 5 فلسطينيين، من بينهم نساء وأطفال، رداً على هجوم نفذه مسلحون ضد قواته برفح وأسفر عن إصابة 6 جنود أمس.
وفي ظل مخاوف متصاعدة من تعثر اقتراحه الذي يتضمن 20 بندا لإنهاء الحرب وإعادة إعمار القطاع، قال ترامب إن المرحلة الثانية من خطته للسلام والمتعلقة بإدارة غزة «ستُنفذ قريباً جداً».
وأشار إلى الهجوم على القوات الإسرائيلية قائلا: «واجهوا مشكلة مع قنبلة انفجرت، وأصابت بعض الأشخاص بجروح بالغة، وربما قتلت بعض الأشخاص، لكن الأمور تسير على ما يرام. لدينا سلام في الشرق الأوسط. و58 دولة تدعمنا رغم أن الناس لا يدركون ذلك».
لكنه تجنب تحديد موعد بدء المرحلة الثانية، بعد مرور أسبوعين على صدور قرار مجلس الأمن الدولي الذي فوضه بتشكيل قوة استقرار دولية ونشرها في القطاع وتشكيل مجلس سلام للإشراف على إدارة مرحلة انتقالية حتى تقوم السلطة الفلسطينية المتمركزة بالضفة باتمام خطوات إصلاحية لكي تتمكن من استلام زمام الأمور في غزة.
وكان ترامب أعلن في 14 أكتوبر الماضي أن المرحلة الثانية قد بدأت بالفعل.
أهداف نتنياهو
في غضون ذلك، شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن «المرحلة الثانية من الاتفاق هدفها نزع سلاح حماس وجعل غزة بلا سلاح»، وقال إنه يعتقد أن هناك مرحلة ثالثة وهي «نزع التطرف عن سكان غزة».
وأضاف أن «حماس لا يمكنها البقاء في غزة، والتخلص منها سيكون إما من خلال قوة دولية أو بالطريقة الصعبة كما قال ترامب»، وتابع: «سيتم التخلص من سلاح الحركة بواسطة القوات الدولية، أو سنقوم نحن بذلك، رغم أنني لا أرغب في إراقة المزيد من الدماء وخاصة الإسرائيلية أو حتى من سكان القطاع».
وبعد تسريبات عن تردد العديد من الدول في المشاركة بالقوة متعددة الجنسيات، في ظل الغموض والالتباس الذي يخيم على مهمتها، واعتراض الدولة العبرية على مشاركة تركيا، لفت نتنياهو إلى أنه في حال لم تتمكن واشنطن من تشكيل تلك القوة فإن الجيش الإسرائيلي سيقوم بمهمة نزع سلاح القطاع.
وفي تصريحات منفصلة، قال نتنياهو: «حققنا إنجازات هائلة وانتصارات في الجبهات السبع تثبت أن إسرائيل هي الدولة الأقوى في الشرق الأوسط»، وأكد أن حكومته ستعيد جثمان الأسير الإسرائيلي الأخير المحتجز بغزة كما أعادت 254 أسيرا.
وأشار خلال افتتاح جلسة حكومية لإقرار الميزانية العامة للعام المقبل، والتي تتضمن زيادة تاريخية بالإنفاق العسكري، إلى أنها تلبي جميع الاحتياجات الأمنية، كما طرح تعيين سكرتيره العسكري رومان غوفمان رئيساً جديداً لجهاز «الموساد»، وهي خطوة تسببت في غضب داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
في المقابل، أكدت «حماس» التزامها بوقف النار، والعمل لإنهاء ملف تبادل الجثامين، داعية الوسطاء والدول الضامنة، الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، إلى ممارسة الضغط على الاحتلال لوقف خروقاته وفتح معبر رفح في الاتجاهين.
السلطة والخليج
إلى ذلك، رحّبت السلطة الفلسطينية بالبيان الختامي لقمة المنامة، وقالت إن مواقف دول مجلس التعاون الخليجي «تشكل ركيزة أساسية في حماية القضية الفلسطينية، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة سياسات الاحتلال وإجراءاته».