في نهاية الربع الثالث من 2025، كادت الأرجنتين تقع في ركود اقتصادي، لكن المعهد الوطني للإحصاء أظهر نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.5 في المئة مقارنة بالشهر السابق، ما أنقذ الرئيس خافيير ميلي من كلمة «ركود» التي كان خصومه يتمنون رؤيتها على الصفحات الأولى. ورغم هذا، فإن الشكوك حول دقة البيانات قائمة، خصوصاً بعد تاريخ طويل من سوء الإدارة المالية والديون المتكررة والتضخم الجامح الذي شهدته البلاد قبل تولي ميلي الحكم.
تحدي ميلي الأكبر هو استعادة ثقة المستثمرين. لكنه رفض فكرة «الدولرة» واعتمد نظاماً نقديا غير شفاف وتقديرياً، في وقت يواجه جدول سداد ديون ضخم العام المقبل. مؤشر مخاطر الأسواق الناشئة لبنك جيه. بي. مورغان ما زال مرتفعا عند 650 نقطة، مقارنة بـ202 نقطة في البرازيل.
خلال عامين، حققت حكومة ميلي بعض المكاسب: توازن الميزانية، وتحسين المساعدات للفقراء عبر إزالة الوسطاء السياسيين، وتخفيف البيروقراطية التي كانت تكبح الأعمال. التضخم انخفض من أكثر من 200 في المئة إلى نحو 30 في المئة، وارتفعت أسعار بعض القطاعات مثل التعدين والنفط والغاز بفضل حوافز ضريبية وحماية العملات الأجنبية للمستثمرين الكبار. لكن نمو الاقتصاد في معظم القطاعات لم يتحقق بعد، ولم يترجم إلى استثمارات جديدة أو خلق فرص عمل.
في الانتخابات التشريعية الجزئية، كادت اللامبالاة الاقتصادية تضعف تحالف «تقدم الحرية» الذي يقوده ميلي، لكن وعد وزارة الخزانة الأميركية بدعم البيزو حال دون حدوث أزمة عملة. الحكومة الآن تركز على إصلاحات ضريبية وقانون العمل والقوانين الجنائية، ووضع قواعد مالية جديدة للميزانية، ما يمنح بعض الأمل، لكن المستثمرين يظلون حذرين.
أهم القضايا هي سعر العملة. فالبيزو، رغم حرية الأسعار في الاقتصاد، يخضع لسيطرة الحكومة. وتشتري وتبيع الخزانة أو البنك المركزي البيزو ضمن نطاق غير معلن من دون شفافية، بينما يتوسع هذا النطاق بنسبة 1 في المئة شهرياً في حين يبلغ التضخم 2 في المئة شهرياً، ما يهدد بمزيد من التقويم الزائد يتبعه انخفاض قيمته.
الأرجنتين مدينة بنحو 55 مليار دولار لصندوق النقد الدولي. وزارة الخزانة الأميركية اشترت البيزو لدعمه وفتحت خط تبادل بقيمة 20 مليار دولار مع بوينس آيرس، بينما تدرس البنوك الأميركية تقديم 5 مليارات دولار إضافية لمساعدة البلاد في سداد الفوائد والأقساط المستحقة يناير المقبل.
الثقة هي مفتاح كل شيء. إذا نجحت الحكومة في بناء الثقة، فإن ذلك قد يؤدي إلى بيزو قوي وموثوق لأول مرة منذ عقود. لكن الطريق محفوف بالمخاطر، والاقتصاد الأرجنتيني مازال يتأرجح بين الإصلاح والتقلبات النقدية.
* ماريا أناستاسيا أوجرادي