بدا من خلال إصدار مجلس الوزراء عدداً من القوانين ومسوداتها، أنها أعدّت من وجهة نظر حكومية بحتة، من خلال الوزراء المعنيين، إلى جانب جهات قانونية أو فنية ك «الفتوى والتشريع»، أو الهيئة العامة للاستثمار، أو وزارة الداخلية.
ولعله من المهم القول إنه مع تولّي مجلس الوزراء الاختصاصات التشريعية والتنفيذية كافة في البلاد، وعدم إصدار صيغ مشاريع القوانين في مداولتين أولية ونهائية، فإن مسألة خضوع التشريعات والقرارات الحكومية لأعلى قدر من التشاور وسماع الآراء المتعددة، بل وتحديداً المخالفة للرأي الحكومي، هو أمر بالغ الأهمية لضمان أعلى درجة من جودة التشريع.
لا أتحدث هنا عن قانون الأحوال الشخصية فقط والضجة المثارة حوله، بل أيضاً عن قوانين ومسودات عديدة صدرت خلال الفترة الماضية وتبيّن قصورها الفني، أو الحاجة إلى توسيع دائرة الآراء من الجهات ذات العلاقة، ولو غير المباشرة بالقانون، كقانون التمويل والسيولة أو مسودة قانون الموظف العام أو قانون المخدرات، وفي كل الأحوال النقاش ليس رفضاً لأيّ قانون بل إثراء لمواده وفلسفة تطبيقه.
لذلك من المهم ألّا يصدر أي قانون جديد أو يطبّق أي قرار ذي أثر ملموس على المجتمع والاقتصاد دون الأخذ في الاعتبار الآراء الموازية للرأي الحكومي، من خلال استشارة أصحاب الاختصاص من خارج القطاع الحكومي، كالأكاديميين وجمعيات النفع العام، وأصحاب الخبرة، فضلاً عن قيام الوزراء المختصين أو مركز التواصل الحكومي بشرح مسودة القانون في مؤتمر عام مفتوح يُسمح فيه بعرض جميع ملاحظات المؤيدين والمعارضين.
ولا ضرر في أن تتولى الحكومة، من خلال جهاتها المختصة، إجراء استبيانات للرأي العام وقياس للاتجاهات المجتمعية تجاه مختلف القضايا أو القوانين أو القرارات التي تنوي إصدارها لتلافي مخاطر أحادية التشريع.
عندما تنوي الحكومة التي تتولى الاختصاصات التشريعية والتنفيذية مراجعة وتعديل ما يصل إلى 240 قانوناً، أي 25 بالمئة من البنية التشريعية في البلاد، بما يمسّ كل القطاعات الأسرية والاجتماعية والاقتصادية والجنائية وغيرها، فإن أهمية تعدّد الآراء عبر سماع صوت ثانٍ أو ثالث، وحتى عاشر، هي مسألة تتعلق بالجودة عند إعداد القوانين، ولتقليل درجة الانحراف بالتشريع، وحتى تحقق التشريعات الفلسفة التي استدعت إصدارها.