في ظل التحوُّلات الاقتصادية السريعة بالمنطقة، واتساع الفرص الاستثمارية في دولة الإمارات، يبرز مجلس الأعمال الكويتي في الإمارات، بصفته منصة مؤسسية فاعلة تُقدِّم للمستثمر الكويتي المعرفة والدعم والعلاقات التي يحتاجها للانطلاق بثقة في سوقٍ شديد السرعة والتغيير. 

لم يَعُد المجلس جهة بروتوكولية أو اجتماعية، بل أصبح مركزاً مهنياً متكاملاً يوفِّر التوجيه الصحيح منذ الخطوة الأولى، ويكشف خريطة القوانين والإجراءات، ويمنح المستثمر فهماً واضحاً للهياكل القانونية، وأنظمة التراخيص، والضرائب، والمناطق الحُرة. لكن وسط هذا النجاح، تظهر مشكلة نعرفها جميعاً في الكويت: لدينا عقدة تجاه كل نموذج ناجح... لا نُوسِّعه، ولا نُطوِّره، ولا نمنحه المساحة لينمو كما يستحق، رغم أن المجلس على أرض الواقع ساهم بصورةٍ مباشرة في نجاح مشاريع كويتية عديدة بالإمارات، وفتح الأبواب أمام رواد الأعمال، وقدَّم لهم حماية قانونية وإجرائية جنَّبت الكثير منهم الأخطاء والخسائر. 

Ad

والأسئلة التي تطرح نفسها بإلحاح: لماذا لا يتوسَّع هذا النموذج؟ ولماذا لا نرى مجالس مشابهة في الرياض، الدوحة، البحرين، مسقط، والقاهرة؟ ولماذا يظل النجاح محصوراً في إطارٍ ضيِّق، بدل أن يتحوَّل إلى تجربةٍ خليجية مشتركة تخدم الجميع؟ 

إن المنطق الاقتصادي يقول إن أي تجربة ناجحة يجب أن تُدعَم وتُعمَّم، لا أن تُترَك ضمن حدودٍ ضيقة. ولو كانت هذه التجربة في دولةٍ أخرى، لرأينا فروعاً إضافية للمجلس تنمو تلقائياً، وقد تحوّل إلى شبكة أعمالٍ عربية خليجية تُسهم في رفع مستوى الاستثمار البيني، وتسهيل حركة المشاريع، وتعزيز حضور المستثمرين بأسواق المنطقة. ومع ذلك، فإن المجلس اليوم يُثبت حضوره باستمرار، ويقف على أساسٍ مؤسسي راسخ تم بناؤه عبر سنوات من العمل الحقيقي، وبفضل قيادات عملت بإخلاص خلال السنوات الماضية، وأسهمت في ترسيخ نهج مهني مبني على المعرفة والخبرة، مما وضع اللبنات الأولى لمسارٍ مؤسسي واضح يمكن البناء عليه بثقة واستمرار. 

وفي امتدادٍ لهذا النهج، يبرز الدور الذي يقدِّمه الرئيس الحالي للمجلس، الأخ العزيز الدكتور فراس السالم، الذي عزَّز هذه البنية، وطوَّر شبكة العلاقات المؤسسية، ورفع مستوى خدمات المجلس، ليُصبح أكثر توافقاً مع احتياجات المستثمر الكويتي، وأكثر قدرةً على تمثيل الكويت بصورةٍ مشرِّفة في بيئة أعمال عالمية سريعة ومتطلبة. 

وهكذا، يتبيَّن أن المجلس، بما يقدِّمه من توجيهٍ دقيق، وحماية قانونية قبل وقوع الأخطاء، وعلاقات مؤسسية تفتح الأبواب، يشكِّل نموذجاً يستحق الانتشار، لا التجميد، نموذجاً يمكن أن يتحوَّل إلى تجربةٍ خليجية وعربية واسعة لو وُجد الدعم والقرار والرؤية.