في خطوة خلت من أي إقرار بالذنب أو الاعتذار عن أي مخالفة، طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عفواً رئاسياً لإنهاء محاكمته بتهم فساد، زعماً أن ذلك من أجل المصلحة الوطنية وتوحيد الدولة العبرية بمواجهة ما وصفه ب«تغيرات غير مألوفة» ستشهدها المنطقة. 

وقال نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة في غزة، في تصريحات أمس، «لقد مرّ ما يقرب من عقد من الزمان منذ بدء التحقيقات ضدي. والمحاكمة في القضايا مستمرة منذ ما يقرب من ست سنوات، ومن المتوقع أن تستمر لسنوات عديدة أخرى».

وأضاف أن «جرائم خطيرة» ارتكبت في إجراءات رفع القضايا ال 3 التي يحاكم فيها بتهم فساد، مؤكداً أن مصلحته الشخصية تكمن في إتمام العملية القانونية حتى تبرئته، «لكن الواقع الأمني ​​والدبلوماسي، والمصلحة الوطنية، يقتضي خلاف ذلك».

Ad

وأشار إلى أن إسرائيل «تواجه تحديات هائلة. ولصد التهديدات واغتنام الفرص لابد من الوحدة الوطنية»، معتبراً أن استمرار المحاكمة «يمزق المجتمع ومؤسسات الدولة من الداخل ويثير الانقسامات ويعمق الخلافات السياسية»، وتابع: «أنا على يقين، كما هو حال كثيرين غيري، أن الوقف الفوري للمحاكمة من شأنه أن يسهم بشكل كبير في تهدئة الأوضاع وتعزيز المصالحة الشاملة».

وبعد أن أقر ب«مسؤولية عامة وأخلاقية واسعة» عن التوتر الناجم عن محاكمته بتهم الفساد التي تستلزم سجنه في حال إدانته، لفت إلى أنه قرر المضي قدماً في طلب العفو «لأن القضاة طلبوا منه أخيراً الإدلاء بشهادته ثلاث مرات أسبوعياً». 

ووصف رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة إلى نظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ لطلب العفو عنه بأنها «كانت عاملاً آخر» لاتخاذ الخطوة التي قال إنها ضرورية لتعزيز المصالح المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة «ضمن إطار زمني قد لا يعود أبداً».

وتوجه نتنياهو بالخطاب إلى الإسرائيليين قائلاً: «لقد انتُخبتُ مراراً وتكراراً، وحصلتُ على ثقتكم لمواصلة عملي رئيساً للوزراء، وقبل كل شيء لتحقيق أهدافنا التاريخية. ولهذه الأسباب، قدّم المحامون اليوم طلب عفو إلى الرئيس، وأتوقع من كل من يسعى لمصلحة البلاد أن يدعم هذه الخطوة».

وكشفت مصادر عبرية أن نتنياهو كتب في مبررات طلبه للرئيس أنه «في الأشهر المقبلة سيشهد الشرق الأوسط أحداثاً غير عادية. نحن نشهد على جزء منها هذه الأيام. التفاهمات التي يجري العمل عليها بين الولايات المتحدة وإسرائيل ودول عربية ودول أخرى هو أمر يتطلب استعدادات هائلة، وجهوداً دبلوماسية وأمنية على مدار الساعة».

دراسة وبلبلة

في غضون ذلك، ذكر مكتب الرئيس الإسرائيلي أنه تمت إحالة الطلب الاستثنائي إلى وزارة العدل لجمع الآراء القانونية قبل البت بشأنه، فيما تسببت خطوة نتنياهو في إحداث بلبلة بالأوساط السياسية المنقسمة أساساً.

وبينما أيّد وزراء الائتلاف الحاكم منح العفو لرئيس الحكومة للتفرغ لإدارة شؤون الدولة ومعالجة الانقسام، شدد زعيم المعارضة رئيس الوزراء السابق يائير لابيد على أنه «لا يمكنك منح نتنياهو العفو والإفلات من العقاب دون الاعتراف بالذنب والتعبير عن الندم والتقاعد من الحياة السياسية».

غزة والضفة

إلى ذلك، نفت «حماس» صحة تقارير نقلت عن مصدر قيادي بالحركة أنها استكملت ملء الفراغات القيادية التي خلفتها عمليات الاغتيال خلال الحرب، في المستويات العسكرية والسياسية والإدارية بغزة، بينما نقلت «واشنطن بوست» عن مصادر أن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لنشر قوة دولية بالقطاع تواجه المزيد من الصعوبات بعد سحب بعض الدول عروضها للمشاركة بها، في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية لوقف النار وشن الغارات الجوية.

ونقلت «واشنطن بوست»، عن مسؤولين من جاكرتا، أن إندونيسيا التي كانت أعلنت أنها سترسل ما يصل إلى 20 ألف جندي لحفظ السلام في غزة، تتطلع الآن إلى تقديم قوة أصغر بكثير، كما هو الحال بالنسبة لأذربيجان، التي كان من المتوقع أن ترسل قوات هي الأخرى، حيث أعادت تقييم موقفها، وفقاً لمسؤولين مطلعين على المناقشات.

وبينما يسعى مسؤولو إدارة ترامب جاهدين إلى حشد الالتزامات العسكرية، لا تزال هناك شكوك كثيرة لدى الدول المرجح أن تشارك في قوة الاستقرار الدولية، بما في ذلك السؤال الشائك حول كيفية تعامل القوة مع تأمين الأسلحة من حماس.

غارات واعتقالات

ميدانياً، شن الجيش الإسرائيلي غارات جوية تزامناً مع عمليات نسفٍ لمبانٍ في المناطق التي يحتلها بمدينتي رفح وخان يونس جنوبي غزة، وذكر الجيش أنه «قضى على 4 مخربين بينهم قائد كتيبة رفح ونائبه بعد خرجوهم من نفق» في المنطقة الواقعة جنوب القطاع.

وفي تطور آخر، دخل عناصر من «حماس» رفقة موظفين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى بلدة بيت لاهيا الخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال خلف الخط الأصفر شمال غزة، بحثاً عن جثة من أصل اثنتين ما زالتا في القطاع.

وفي الضفة الغربية، شنّت سلطات الاحتلال حملة اقتحامات في مناطق متفرقة، تخللها اعتقال 13 فلسطينياً، بالتزامن مع إنهاء حملة عسكرية موسعة ركزت على مخيم «نور شمس» بطوباس.