القوانين قواعد تنظم العلاقة بين الأفراد، وتنظم علاقتهم بالسلطة، وتعديلاتها ضرورية للاستجابة للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، واستجابة أيضاً للتطور التكنولوجي الذي طالبنا به في مارس الماضي، بمقال «لوزير العدل: حان وقت القضاء عن بُعد»، اقتراحاً منا لتسريع عقد الجلسات، وذلك لتحقيق رؤية سمو الأمير حين أمر في خطابه للسلطة القضائية «بتطوير العمل القضائي، وتسريع البت بالقضايا، وعدم تكديسها وتأخيرها، وضرورة استكمال التحول الرقمي في مرفق القضاء والنيابة».
وأحد أمثلة ضرورة التعديلات القانونية هو ما يتعلق بحقوق المرأة السياسية حول العالم، فاليوم، على سبيل المثال، تمر ذكرى تعديل القانون الفرنسي عام 1919 لتحصل المرأة على حق مشاركتها في الانتخابات، ومن الفكاهة أنه في نفس يوم انتصار المرأة الفرنسية لحقوقها السياسية خسرتها المرأة الكويتية حين أسقط مجلس الأمة عام 1999 المقترح بقانون برفض 32 عضواً وموافقة 30 عضواً وامتناع أحمد السعدون وحسين القلاف، ففي نفس توقيت الثلاثين من نوفمبر، ربحت الفرنسية وخسرت الكويتية، بفرق ثمانين عاماً!
لن ندخل في جميع التعديلات المقترحة لقانون الأحوال الشخصية لضيق المساحة، فبعض الانتقادات للتعديلات ربما قابلة للنقاش، ولكن لا يمكننا قبول أي انتقاد يستند إلى أنماط علمانية كبعض الممارسات الدولية وكإعلانات حقوق الإنسان، لأن قانون الأحوال وما يختص به من زواج وطلاق ومتعلقاتهما ومن مواريث يخضع لكتاب الله وسنة رسوله وليس محلاً للهوى والفلسفة أو أي تدخل أجنبي مخالف للشرع الإسلامي! كانتقاد إلغاء الوصية الواجبة التي يجب أن تُلغى لعدم ورود نص شرعي فيها، ونقطة آخر السطر.
أما فيما يتعلق بانتقاد بعض مفردات التعديل لأن فيها إهانة للمرأة، فإنها وجهة نظر قابلة للنقاش، حيث إن علاقة المرأة بزوجها يحكمها الحياء والعاطفة والاحترام المتبادل، والمضحك في كيفية إثبات الرجل للتصرفات المهينة له، فهل يضع كاميرا في جميع أنحاء المنزل مثلاً؟!
إننا سنضع على الطاولة مسألة أكثر أهمية، فقد وضع الشرع قاعدة تثبت فوقية الرجل بالعلاقة طبقاً للآية الكريمة: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ...»، ولكن بعض الرجال تنازلوا عن جزء من القوامة وفق قاعدة «مجبر أخاك لا بطل»، فالمرأة تعمل وتكدح كما يفعل بل وراتبها أكثر منه أحياناً، فتنفق على البيت والأبناء وتساهم بشراء الأرض وبناء بيت العمر ودفع رسوم المدارس وتذاكر السفر، فهل يمكن وضع تعديلات على القانون تتناسب وقوامة المرأة على الرجل في النفقة؟!
أما بالنسبة لتعديلات رؤية الأطفال والحضانة فإنها غاية في الأهمية للحفاظ على الاستقرار النفسي وحقوق الطفل وعدم هدم أركانه التي تقف على ثلاث دعامات رئيسية: الدين والأم والأب، ولكن القانون سمح للمطلقة بالانتقام من الرجل، وهي معذورة بعد الطلاق، فبعد أن كان الطفل مستقراً في حضن أبيه، يعاني الأب بعد صدور الحكم شهوراً لعدم رؤية أبنائه، ويعامل كأنه مجرم إذا تأخر في إرجاعهم أو أخذهم دون إذن لتتسع المسافة بينهما، فيكره الأبناء آباءهم ويتخلى الأب عنهم مع مرور الوقت فتتورط المطلقة بانفلات الأبناء، ولذلك يجب أن تكون حضانة الأطفال مشتركة حتى بلوغهم ونضوجهم دون قيود أو شرط سوى لوائح تحدد النفقة والدراسة والسفر، فإن للأطفال حقوقاً.
***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.