في خطوةٍ جريئة نحو تعزيز الشفافية، أعلن إيلون ماسك، أخيراً، ميزة جديدة في منصة X (تويتر سابقاً) تُدعى «عن هذا الحساب» (About This Account).
تكشف هذه الميزة عن الدولة أو المنطقة الجغرافية الأساسية لصاحب الحساب، بهدف الحد من انتشار الحسابات الوهمية والموجهة، والتي يُشار إليها غالباً ب «الذباب الإلكتروني». تلك الحسابات، التي غالباً ما تُدار من قِبل جهات مدبرة لنشر الشائعات أو التحريض، حتى أصبحت ظاهرة شائعة في فضاء المنصة، خصوصاً في النزاعات السياسية، المحلية، والإقليمية.
فجَّرت هذه الميزة، منذ بدء تفعيلها في 21 نوفمبر 2025، الكثير من المفاجآت غير المتوقعة. فقد كشفت عن حسابات تبدو أميركية أو أوروبية المنشأ، لكنها تُدار فعلياً من دولٍ بعيدة أخرى، مما أثار صدمةً بين المتابعين الذين كانوا يعتقدون أنهم يناقشون قضايا محلية مع «مواطنين حقيقيين».
على سبيل المثال، أظهرت الميزة أن العديد من الحسابات الداعمة لإسرائيل بشكلٍ مفرط تُدار من الهند، فيما كشفت عن حملات إعلامية موجَّهة عن تركيا للناطقين بالعربية بموقع في فرنسا!
لم تمر هذه الميزة من دون عواصف بعد إطلاقها الأولي، حيث أثارت جدلاً حول الخصوصية، مما دفع مجاميع مختلفة إلى التهديد بمقاضاة المنصة، بموجب قوانين الخصوصية الأوروبية، مما أدى إلى إيقافها لساعات. لكن، سُرعان ما أعادت X تفعيلها، مع إضافة خيارات للمستخدمين لإخفاء الدولة الدقيقة وعرض منطقة أوسع (مثل أوروبا، بدلاً من ألمانيا)، لتجنب التعرُّض ل «الدكسينغ»، أو الملاحقة في دول ذات قيود على حُرية التعبير.
أظهرت هذه الميزة مواقع حسابات سياسية تنتقد دول الخليج العربي، تُدار من تركيا وأوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. كما كشفت مواقع حسابات خليجية تقدح في بعضها البعض بأساليب غير لائقة وغير مقبولة أخلاقياً.
النتيجة! إسدال الستار على شبكات عالمية موجهة لإثارة الضغائن والفتن بين الأصدقاء والأعداء، على حدٍّ سواء، مما يؤكد أن «حروب الذباب» ليست محلية، بل دولية الطابع، وغالباً ما تخدم أجندات خارجية.
في خضم ذلك، أفخر كمواطن كويتي بعدم وجود أيٍ من حسابات الفتنة المدبرة داخل وطني، والتي ما زالت تسبِّب شرخاً داخل البيت الخليجي ككل. هذا الغياب ليس صدفةً، لكنه دليل على صِدق ورصانة نهج الدولة، التي تعتمد التعامل الشفاف والدبلوماسية الرسمية مع الجيران والأصدقاء، وحتى الأعداء.
أفخر بأننا لا نلجأ إلى المكائد السرية أو الحسابات المأجورة، فالكويت ترفض الازدواجية والكيل بمكيالين، كما ترفض الأساليب الملتوية في التعامل مع الغير. فهذا هو ديدننا أن نكون عنصراً إيجابياً للحفاظ على استقرار المنطقة، بعيداً عن توافه الأمور والهابط منها، مثل حروب الذباب.