ضمن أنشطة معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ 48، أقيمت أمسية شعرية في «رواق الثقافة» أحياها الشعراء؛ نشمي مهنا، ومحمد الماجد، وإبراهيم الحسين، وسط حضور لافت من محبّي الأدب والشعر، وأدارت الأمسية الكاتبة أفراح الهندال.في البداية، قدم الشاعر مهنا مجموعة من النصوص التي تميزت بعمقها الإنساني واشتغالها المكثف على العاطفة والصورة الشعرية، وتنوعت قصائده بين الهم الوجداني، والحنين، واستحضار الألم بوصفه جزءاً من التجربة البشرية. ففي قصيدة «من ثقب الليل» النص يستكشف مهنا توترات الانتظار عبر لغة شفافة وصور تنبض بالحركة والحدس، وقد لاقت القصيدة استحسان الحضور لما حملته من شحنة وجدانية عالية، وتماس دقيق مع مشاعر الترقب والبحث عن المعنى في مساحات الليل الغامضة ليقول: «الذي ننتظره/ الذي لم يحدث بعد، الذي لم نسمع وقع خطواته/ على رخام انتظاراتنا، الذي يقترب، الذي لا يدق،/ الذي يرف،/ الغائم الذي فقط يرف، الذي حلم، لم نرَ/ ظلاله قادمة، الذي نهيئ له وردةً، وكأساً ومقاعد/ وثيرة، وفسحةً من انشغالات الليل بأهله». وفي قصيدة «مرآة الوردة»، رسم مهنا صورا للواقع من منظور حسي متفاعل مع الخيال في أرقى أشكاله ليقول: «جمالك ليس في الصور، ولا في اللوحات والكولاج،/ رشقة اللون عصفور يقف على حواف الصورة،/ يتأهب لنقر النهر، والطيران به إلى يابسة أخرى، جمالك يطيش في الهواء، وينغرس في مسامات جدراننا،/ لا يلمس بإصبع ولا تدركه جمهرة العيون». وتضمنت قصيدة «لست في غزة» التي قرأها الشاعر مهنا وصفا إنسانيا شعريا متقنا لحال أهل غزة وما تعرضوا له، ونقل صور الألم اليومي بواقعية موجعة ليقول: «من يبكي أكثر، الطفل الذي يرتجف رعباً في ممرّات المستشفى،/ أم الأُمّ عندما تكشف أغطية الجرحى،/ تبحث عن ملامح غطّاها الدم المتخثّر،/أم المُشاهد البعيد خلف شاشات الأخبار؟،/ طارت عصافير كثيرة في سماء غزّة». تفاصيل صغيرةأما الشاعر الماجد فقدم مجموعة من القصائد اتسمت بلغتها الشفافة، وبقدرته على التقاط التفاصيل الصغيرة وتحويلها إلى صور شعرية نابضة، حيث منحها عمقاً وجمالاً خاصاً ينساب بسلاسة إلى وجدان المتلقي ففي قصيدة «أضرمت في رحلي»، استحضر الشاعر رحلته الداخلية ليقول: «أضرمت في رحلي وأجلت المسافة، إنني باق، اقلب في وجوه الرمل، أبحث في احتمالات الأكيد»، ثم قرأ الماجد مجموعة من القصائد ومنها «مَشي القطا»، و«مقام حِجاز»، و«مَقَادير» و«الكهرمان». وعلى هامش الأمسية سألت «الجريدة» الشاعر الماجد عن أهمية الشعر في حياته، ليؤكد أنه منهج وأسلوب حياة وعلق بقوله: «بين الشعر وبين الحياة مسافة صفر، فالحياة هي الشعر، والشعر هو الحياة باختصار». وعن سبب محبته للشعر، أوضح الماجد قائلاً: «هكذا وُلدت... شاعراً، ما كان لدي خيار». لغة عميقة بدوره، قدم الحسين مجموعة من القصائد التي حملت بصمته الخاصة، واتسمت بلغتها العميقة وقدرتها على ملامسة مناطق الوجدان، وتنقل الحسين بين موضوعات الفقد والطفولة والذاكرة والغياب، مقدّماً شعراً ينهل من التجربة اليومية ومن حس إنساني مشبع بالتأمل. ففي «رحيل الأصدقاء» استعاد الحسين أثر الغياب ووجعه، مقدما صوراً محملة بالحنين، أما في « الطفلة في الجوع» فقدم لوحة موجعة لطفلة تبحث عن نجاة مستخدماً لغة رسم فيها تفاصيل القسوة، وتكشف هشاشة الجسد حين ينهكه الجوع والخوف. وعلى هامش الأمسية قال الحسين عند سؤاله عن سبب اتجاهه للشعر: «متنفس لي، هناك مشاعر لا تستطيع أن تقولها باللغة المتداولة، لكن من خلال الشعر أنت تثبت نفسك ووجودك، وباختصار تقول رؤيتك».
توابل - ثقافات
نشمي والماجد والحسين يضيئون معرض الكتاب
نشمي مهنا ومحمد الماجد وإبراهيم الحسين وأفراح الهندال
25-11-2025