إشكاليات الممارسات البرلمانية الكويتية، المتراجعة والمتتالية، منبعها العبث والترقيع الذي تعرَّض له النظام الانتخابي منذ عام 1981، وهو عبث يتحمَّل مسؤوليته طرفان أساسيان لا ثالث لهما، هما: السُّلطة السياسية، وأعضاء مجلس الأمة، منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا.

فالسُّلطة إثر حلها لمجلس الأمة في عام 1981 وجدت ضالتها في التفرد بالسُّلطة، فرسمت تصوراً خاطئاً، ظنت أنه سيمكِّنها من التفرد بها على الدوام، فقامت بتعديل الدوائر الانتخابية ونظام التصويت، وهو تعديل تحكُّمي غير مدروس، لخمسٍ وعشرين دائرة بصوتين، كانت نتيجته إفراز زيادة مخيفة في الظواهر المخربة والمشوهة للانتخابات، وبالتبعية مشوهة للبرلمان وتكوينه وممارساته، ولعل مواضع التشويه تمثلت ب (شيوع نقل الأصوات، وشرائها، وتبادلها، وتوظيفها بقلص بعض المرشحين لآخرين، وظهرت بصورة بشعة الانتخابات الفرعية فئوية وقبلية وطائفية، وراجت المناطقية، فصار اختيار السكن حسبة انتخابية أوجدت كانتونات فئوية، وتكرّس الخطاب الفئوي الذي يهدد الوحدة الوطنية، وأصبح النجاح بأصوات ضئيلة، وتسيَّد نائب الخدمات، والنواب المناديب من بائعي مقاعدهم)، وهكذا بدأت عجلة تشويه النظام الانتخابي وتراجع الممارسة البرلمانية وتشوهها.

Ad

وفي ظل هذا النظام الانتخابي المشوه والعبثي تم العبث بالجنسية، فدخلت طبقة ناخبين جديدة فاقت بعددها أبناء الكويت الأصليين، ثم منح أبناء المتجنسين حق الترشيح من خلال القانون 44/ 1994.

وقد تسابق الأعضاء على حماية نظام ال 25 دائرة بصوتين، حفاظاً على مقاعدهم، وكذلك حينما خُدِع الشعب بوهم الإصلاح «بحملة نبيها خمس»، باعتباره إصلاحاً للنظام الانتخابي، وهو لم يكن كذلك، وقد كشفت الأيام عن حقيقته، فهو نظام كرَّس كل الظواهر المشوهة والمسيئة للانتخابات، والتي سبق الإشارة إليها، بل وزاد من تردي الممارسة البرلمانية.

ومنه انتقلنا إلى نظام الدوائر الخمس بصوت واحد، بتفرد من السُّلطة، وها نحن نعاني الأمرَّين من ضخامة تشوه النظام الانتخابي بكل الظواهر المسيئة السابقة، في ظل هذا النظام، وتسابق النواب لحصد المقاعد من بوابته الفاسدة أيضاً، بل وتعاظمت حالة التردي في الممارسة البرلمانية.

وما أشبه اليوم بالبارحة، فهاهم الأعضاء، ومعهم السُّلطة، يتسابقون لتقديم المقترحات للنظام الانتخابي، دون توجه حقيقي للإصلاح السياسي الذي يُرتجى أن يكون النظام الانتخابي مدخله، لكن - وبكل أسف - غاية المقترحات مصالح ضيقة هدفها الحفاظ على المقاعد والأنانية الشخصية، ولا عزاء للبلد، ولا وجه للقول غايتها تطوير الديموقراطية والارتقاء بالممارسة البرلمانية، ويصدق هذا الوصف - في رأينا أيضاً- على مقترح قانون القوائم النسبية، ومقترح الدوائر الخمس بصوتين، وكذلك مقترح رئيس المجلس الصوت للدائرة، والثلاثة أصوات الحرة خارج الدائرة، وغيرها من المقترحات.

لذا فإنه لا مفر من أن نؤكد أن النظام الانتخابي لا يزال عُرضة للتشويه والتجريب والعبث والترقيع في كل تلك المقترحات، والذي دمر البلد من خلال ممارسة برلمانية رديئة ومتراجعة تتحكم فيها كل الاعتبارات والمؤثرات التي تنحرف بالعملية الانتخابية وبالعمل البرلماني، على حد سواء، عن الممارسة الرشيدة والسوية، بعيداً عن تحقيق مصلحة البلاد.

فإصلاح النظام الانتخابي طريقه معلوم، وإطاره أي نظام يخلّص الانتخابات من الظواهر المشوهة والمسيئة السابقة، ومَنْ يتنكب هذا الطريق فليدرك أنه بعيد عن الإصلاح السياسي، ولا أجد أفضل من النظام الانتخابي اللاجغرافي طريقاً للإصلاح، لذلك أتمنى صدوره من البرلمان أو فرضه من السُّلطة، ولتكن مبادرتهما للإصلاح هذه المرة، إصلاحهما للتشويه السابق بإصلاح جدي ومجدٍ لنظامنا الانتخابي، وإنا لمنتظرون.

***

حكومة تقود البلد... برافو

الحكومة بدأت تسير على خريطة طريقها، وهو برنامجها السياسي، فها هو وفاؤها بعهودها:

- لقاء تنسيقي مع لجنة الأولويات البرلمانية.

- مصالحة وطنية بعفو أميري كريم.

- إعادة النظر بالمرتبات والأجور لزيادتها.