عقد مجلس الوزراء أخيراً العزم على تشديد الرقابة عند صرف المواد التموينية المدعومة، وبذل المزيد من الجهود لوقف تهريبها إلى خارج البلاد وبيعها بأرباح مضاعفة لجودتها، ولرخص ثمنها.تهريب المواد التموينية والمحروقات إلى الخارج موضوع قديم وظاهرة معروفة للجميع، ازدادت وتيرته بسبب ضعف الرقابة، والتساهل في العقاب.الحقيقة أن موضوع الدعوم بوجه عام يحتاج إلى إعادة تقييم، وإلى إيجاد آلية جديدة، لا تحرم المواطن أو المقيم بصورة شرعية منها، ولكن تتم بطريقة مدروسة، بتقييم مادي مناسب يخفف عن الدولة تكلفة مضاعفة، ويؤدي في الوقت نفسه إلى ترشيد إنفاق واستهلاك لا داعي له.فسياسة دعم التموين والمحروقات والمياه أثبتت فشلها، وكشفت عن تنفيع لشركات وأشخاص ومتنفذين، وهي سياسة تتناقض مع رغبة الحكومة المعلنة بترشيد الإنفاق عن طريق رفع الدعوم تدريجياً، ولكنها كانت تاريخياً تستسلم في وقتها، لمعارضة نوائب لم يعودوا موجودين بيننا.فالدعوم التي تكلف ميزانية الدولة مليارات الدنانير، والتي هي في النهاية أموال المواطنين، شجّعت على الإسراف في كل شيء، وبسببها تعوّد المواطن والمقيم على ألا يقيم وزناً لاستهلاكه وإسرافه، لأن تكلفة ما يستخدمه بسيطة جدّاً.وأصبحت ظاهرة أن يقوم المواطن على شراء كل المواد الغذائية حتى لو لم يكن بحاجة إلى بعضها، وتبين أن هناك هدراً أعظم عندما اكتشفت شحنات من المواد الغذائية والأدوية والأعلاف والوقود تهرّب إلى خارج البلاد، انتفع منها ضعاف النفوس والسماسرة، تقابلها خسارة خزينة الدولة مئات الملايين سنوياً.ويبدو أن إلغاء كل الدعوم أمر لابد منه على أن تستبدل بعلاوات مناسبة تتم إضافتها إلى الرواتب حسب التسعيرات الشهرية للمواد الغذائية والمحروقات والمياه والكهرباء، فهي دعوم تستهلك مليارات الدنانير سنوياً، ولكن يمكن ترشيدها بطريقة تجعل المواطن هو من يدفع مقابل ما يستهلك من راتبه الشهري المدعوم مسبقاً للتك المواد.رفع الدعم كلياً عن جميع السلع والمحروقات يجب أن يكون متزامناً مع دفع علاوات مادية للمواطنين المقيمين في الكويت فقط، وهي عبارة عن علاوات متغيّرة وفق تغير الأسعار، ترتفع مع ارتفاعها وتنخفض مع انخفاضها، على أن تكون تلك العلاوات منفصلة عن بعضها، ويتم تحديد قيمتها عن طريق قياس علمي لاستهلاك الفرد ذي الدخل المتوسط.ستكون النتيجة للحكومة مفاجئة، فالمستهلكون ومن باب الحرص على مدخولهم الشهري سيقتصدون في شرائهم واستهلاكهم للتموين والطاقة، لأنهم هذه المرة هم من سيدفع الدعوم التي دخلت في حسابهم، وسينخفض الهدر إلى أدنى مستوياته، وسيتم وفر وترشيد اختياري من المواطن من الصعوبة تحقيقه في الوضع الحالي للدعوم غير المحدودة، لأن الدعم والترشيد لا يستويان فهما متناقضان.
Ad