أقيمت الجلسة الخامسة والختامية من ندوة «أحمد مشاري العدواني... شاعر الوطن وأيقونة الثقافة العربية»، وحملت عنوان «مساهماته في الثقافة العربية» قدمها وزير التربية الأسبق د. سعود الحربي، والباحث والإعلامي حمزة عليان، وأدارها الباحث والكاتب طلال الرميضي.
وتحدث الحربي في طرحه البحثي عن دور العدواني في إثراء الثقافة العربية بشكل كبير، وقال «أنا أتصور أن دوره كبير من خلال ما أغنى به الثقافة العربية من شعر، والنقطة الثانية المهمة هي مساهمته في إنشاء المجلات الثقافية وعلى رأسها عالم الفكر وعالم المعرفة، كما يعتبر أول أمين عام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، مما جعله منارة ثقافية على مستوى الوطن العربي».
ولفت إلى أن هناك مسألة جدلية تدور حول كيفية إدارة المثقف لمؤسسة وتأسيس مجلات، غير أن العدواني استطاع فعل ذلك، وضرب مثلا بأحمد حسن الزيات في مجلة الرسالة، إضافة إلى أندريه مارلو وزير الثقافة في فرنسا، مؤكداً أن العدواني قامة وقيمة عربية تستحق الاحتفالية.
منارتان عربيتان
وأوضح الحربي أن ما يعجبه في العدواني نجاحه، فلم يصدر له في حياته إلا ديوان شعري واحد، بسبب تفرغه للنهوض بالمؤسسات الثقافية وعلى رأسها المجلس الوطني، وحرصه الشديد على نجاح «عالم المعرفة» و»عالم الفكر»، وهما المجلتان اللتان تعدّان منارتين عربيتين، ويكفي الكويت فخرا أن المجلتين صدرتا على أرضها.
وذكر أن سيرة العدواني توضح كم كان رجلاً متفانياً في قضيته، وهو يحمل هم العروبة والثقافة العربية، وكان صادقا مع نفسه ويتمتع ب «كاريزما» معينة أعطته النجاح، لافتاً إلى أنه استفاد من المناخ الثقافي الموجود في الكويت، ومن دراسته في مصر، قبيل منتصف القرن العشرين، إلى جانب الدعم المؤسسي في الكويت، والذي كان داعماً لحرية الثقافة وحرية التعبير والرأي العام.
ومن جهته، قدم عليان ورقة بعنوان «علاقة أحمد مشاري العدواني مع المثقفين العرب... وأثره على الساحة الثقافية العربية»، مستشهداً بحديث د. خليفة الوقيان عن العدواني: «هو منغمس في النضال ضد كل الشرور والآثام والممارسات الشاذة، وأبرز ملامح إنتاجه الفكري وغزارة ثقافته، فهو يجمع ما بين التعمق في التراث العربي الإسلامي والمواكبة لكل ما هو جديد فيه علوم المعاصرة».
وعن مستوى علاقته بالمثقفين العرب أوضح عليان أن د. دلال الزبن تشير إلى ملامح من مشروعه التنويري الذي آزره فيه رفيقاه عبدالعزيز حسين وحمد الرجيب، كما كانت صلته قريبة بشخصيات عربية وتعاونه معهم وذات وزن في الساحتين الثقافية والفنية أمثال: أحمد أبوزيد، وفؤاد زكريا، ومحمد إسماعيل موافي، وسعيد خطاب، ورتيبة الحنفي، ومحمد القصاص، وأحمد بهاء الدين، وعبدالرحمن الشرقاوي، وصلاح عبدالصبور.
وذكر عليان أنه عندما ظهرت النوادي الثقافية والمهنية في السنوات الأولى من الخمسينيات ظهر أحمد العدواني قُطبا من أقطاب «نادي المعلمين «وواحدا من رؤساء تحرير «مجلة الرائد»، مضيفاً «كانت أزهى فترة بتاريخ المجلس الوطني تلك التي تولى فيها قيادته فهي فترة أعطت للكويت وجهها الثقافي المشع في دائرتيها الخليجية والعربية».
وضمن هذا الاطار، قرأ الرميضي كلمة الكاتب عبدالعزيز السريع نيابة عنه، والتي قال فيها «يعز علي ألا أكون بينكم في هذه المناسبة الغالية بسبب المرض، إذ بدأت خيانات الجسد، ولم يعد يقوى على الحركة الطبيعية، لذا أعتذر أشد الاعتذار لكم ولأسرة العدواني الكريمة».
واسترجع السريع في كلمته المرة الأولى التي شاهد فيها العدواني، في مطلع ستينيات القرن العشرين وتفهمه أولا أنه غير معني بالمديح أو التملق، مؤكداً أنه كان رجل إصلاح، ولو وجدت له صفة فإنها الصدق والإخلاص والمحبة للوطن.