أثبتت تجربتا الثورتين الإيرانية عام 1979 والسورية عام 2025 أن مصلحة الشيعة والعلويين في العالم العربي والإسلامي لا تكمن في الاحتماء بنظام دكتاتوري والانفراد بالحكم والتسلط على الجماعات والمذاهب الأخرى، بل في إقامة نظام تعددي ديموقراطي، تشترك كل فئات الشعب فيه، ويتيح المجال لكل أفراد الشعب الاستفادة من إمكاناته وثرواته وفرص الارتقاء به، وهذا ما لم نجده في سورية الأسد أو إيران الولي الفقيه.

فمثلاً: أين كانت ستصبح إيران اليوم لولا ثورة السيد الخميني «الإسلامية» أو بالأصح لولا مصادرة رجال الدين في إيران لإرادة الشعب وحرياته والهيمنة على الاقتصاد والحياة العامة وإلغاء حرية الصحافة خاصة، وحرية البرلمان، وقمع المعارضة وسلسلة الاغتيالات التي أرعبت خصوم النظام وسحق المجتمع المدني وحرية المرأة والأقليات؟

يقول الدبلوماسي الكويتي أحمد الدواس منتقداً السياسة الإيرانية منذ الثورة «إيران أججت الشعور الطائفي في المنطقة، وزرعت عملاء لها في الخارج، وأنشأت جهازاً خاصاً للتخريب والاغتيال (السياسة 1/7/2025).

Ad

وقد أثار الجنرال الإيراني محسن رفيق دوست القائد السابق في الحرس الثوري ضجة كبيرة في الداخل والخارج بعدما كشف عن إشرافه على عدد من عمليات الاغتيال ضد المعارضين في الخارج (الراي 12/3/2025).

وربما لم يصدق أحد توضيح مكتبه بأن تصريحاته كانت نتيجة مشاكل في الذاكرة بعد جراحة دماغية سابقة.

ولا شك أن بعض القراء رغم اختلافهم مع رئيس تحرير «السياسة» الكويتية في الكثير أو القليل من آرائه، يوافقون تماماً على ما قال عن إيران: «كان من الممكن لإيران أن تكون مصنع الإقليم وطريق التجارة الدولية لموقعها الجغرافي المهم، وكذلك أن يتمتع شعبها بحياة كريمة، فهو نشط، ولديها ثروات هائلة ليست نفطية فقط، بل زراعية ومياه ومعادن نادرة وغيرها، وأيضا لديها كفاءات كبيرة». (18/6/2025).

هل التشيع والتدين عموماً في وضع أفضل اليوم داخل ايران؟ هل حرية التفكير الديني والاجتهاد وحق الإفتاء أوسع من أيام الشاه في المكتبات الإيرانية والحوزات الدينية والندوات؟ هل يتحمل نظام السيد خامنئي مثلاً حسينية معارضة مثل حسينية الإرشاد التي كان يحاضر فيها د. علي شريعة؟

هل احتفظ قادة إيران منذ 1979 إلى اليوم بمكانة الثورة الإيرانية في العالم الإسلامي وتعاطف الجماهير، أم تبدد كل شيء مع مغامرات النظام السياسية والمذهبية ومع تصدير الثورة وبخاصة من خلال حزب الله ولبنان والعراق والمنطقة الخليجية، وحتى إفريقيا وأميركا اللاتينية؟!

ماذا عن سورية والنظام الذي نسب إلى «العلويين» كل هذه السنين؟ هل نجح «النظام العلوي» في تسكين مخاوف أهل السنة من «النصيرية» كما كان المتخوفون من العلويين يسمونهم نسبة إلى محمد بن نصير المتوفي 874، مؤسس المذهب. وقد صرح الإمام «موسى الصدر» رئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان يومها بأن «العلويين فرقة من فرق الشيعة. فضل العلويين الانضمام إلى الجمهورية السورية عام 1936 أثناء قيام الجمهورية السورية وكان تيار منهم قد فضل الانضمام عام 1920 إلى دولة «لبنان الكبير». (معجم الشرق الأوسط سعد سعدي بيروت 1998). 

وقد كفّرهم الشيخ «ابن تيمية» في فتاويه، ولا شك أن سياسات الرئيسين حافظ وبشار الأسد الاستبدادية قد زادت الحواجز الطائفية ارتفاعاً!