لبَّيت بكل امتنان دعوة جمعية الصحافيين الكويتية، بحضور ملتقى الصحافيات في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، برعاية كريمة من وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب السيد عبدالرحمن المطيري.

وطرحت أولى جلساته الحوارية موضوع الذكاء الاصطناعي ومستقبل الصحافة الخليجية، ودار حوار ثري حيوي بين الصحافيات المشاركات والحضور، تباينت الآراء، اختلفت في محاور، واتفقت في محاور أخرى، لكن ما لا يُمكن إنكاره أن اقتحام الذكاء الاصطناعي لحياتنا بات واقعاً.

ماذا عساي أن أقول عن الذكاء الاصطناعي؟ علاقتي به معدومة تماماً. لا أعرف عنه شيئاً، ولا أريد أن أعرف. هو بالنسبة لي تقنية سلبية أكثر من كونها إيجابية، لأن فيها من الخِداع والتلاعب الشيء الكبير. 

Ad

أعلم أن فئة كبيرة سترفض رفضي للذكاء الاصطناعي، كونه جزءاً من الحاضر والمستقبل، ومواكبة التطورات لابد منها، حتى يمضي المرء في حياته، والتحيُّز والمعارضة يجعلانه في موقفٍ جامدٍ منعزل. 

لكن حضور الذكاء الاصطناعي في الساحة له صخب وانجراف. السكين، مثلاً، أداة مفيدة وخطيرة في الوقت ذاته، لكننا لا نحمل سكيناً معنا طوال الوقت، ولا نستعرض مزايا السكين ونمجِّدها، هي أداء مصمَّمة لتأدية مهام محدَّدة، تُحفظ في مكانٍ آمن، ويتم العناية بها والحذر منها. 

الذكاء الاصطناعي أصبح منتشراً وشائعاً بدرجة يعجز فيها البعض عن التفرقة بين الحقيقة والزيف. بعض أصناف المقاطع المُعدَّة به تبدو مركَّبة، مضللة، تشك فيها، بل بعضها سخيف، ولا معنى له، ليس فيه أي مضمون، ليس سوى خيال تافه. 

ربما عندي توجه قاسٍ من الذكاء الاصطناعي، لأني أمقت كل ما هو مصطنع. واختراق الذكاء الاصطناعي لفن الكتابة يبخس الكاتب الموهوب حقه وإبداعه. الكتابة نتاج بشري حين يُؤلف الكاتب بين المفردات، وينتقي المعاني والعبارات، ويربطها، ويحكم تسلسلها. كل كاتب يضع جزءاً من نفسه فيما يخط ويَنظُم. الذكاء الاصطناعي يخلو من اللمسة الروحية، ينعدم فيه الوجدان. لن يصل أبداً للتقديم الذاتي الحقيقي، هو مجرَّد جامع لجهود الآخرين، عديم الإحساس، يفتقر للعواطف والانفعالات، ليست لديه خبرات متراكمة، ليست لديه كينونة.

الذكاء الاصطناعي برمجة، تقنية، صناعة، وحتى دخوله في- تجديد- الأعمال التراثية نزع منها أصالتها، ومحا بهتانها الجميل.

الذكاء الاصطناعي «مجرَّد إضافة» في حالات ومواضع، وبضوابط وشروط، يجب ألا يتصدَّر، حتى لا تتحوَّل حياتنا إلى شريط سينمائي تديره آلة!