«سرعة التطور التكنولوجي فاقت سرعة التطور القانوني»... جملة أصبحت واقعا في أغلب تناولنا لموضوع التكنولوجيا، ومنها الذكاء الاصطناعي، الذي لم يعد ضيفا ثقيلا كما كان في السابق، بل أصبح اليوم أساسيا وصاحب مكان.

أقول ذلك بعد حضوري جلسة نقاشية حول الإعلام والذكاء الاصطناعي أقامتها جمعية الصحافيين قبل عدة أيام تحت مظلة إعلامية كويتية امتدت لتشمل الصحافيات من دول مجلس التعاون. تلك المظلة كانت برعاية وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري.

Ad

استطاعت كل سيدة مشاركة أن تساهم بموقفها من الذكاء الاصطناعي وأثره على مهنتها.. ولم يأخذ الموضوع ما يستحق من النقاش، لذلك فقد اخترت، عبر مقالي هذا، أن أطرح زاوية من الزوايا العديدة التي تغلغل بها الذكاء الاصطناعي اليوم، بدءا من تجربة الكويت عبر إحدى صحفها بالاستعانة بمذيعة افتراضية حملت اسم «فضة»، ومرورا بدول الخليج ومنصاتها الإخبارية اليوم، والتي تتسابق باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي، فامتد ليشمل «أتمتة» عملية الأرشفة وتحليل البيانات وتتبّع الخوارزميات لمعرفة تفضيلات الجماهير المتابعة، إضافة إلى طرح التطبيقات الإخبارية بجميع أنماطها.

لا شك في أن التكلفة اليوم انخفضت، والإنتاج الإعلامي أصبح أكثر وفرة وسرعة، وسارعت أدوات الكتابة التلقائية الى الاختفاء، وأصبحت تتخذ من السرد الصحافي أنماطا جديدة ومتغيرة.

فهل سنكتفي بالجانب المشرق فقط؟ لا يمكننا تجاهل الجانب من الاستخدام السيئ للذكاء الاصطناعي، فهناك التزييف والمعلومات المضللة التي تؤثر بالمتلقي للخبر، فتجعله في حيرة من أمره أمام الأخبار المتناقضة.

وهناك سلبيات أخرى، كتراجع بعض الوظائف التقليدية واختفائها من سوق العمل الصحافي، وغياب آلية تحديث قوانين الملكية الفكرية، وغيرها من التشريعات المصاحبة للتطور التقني في العملية الإعلامية، فسرعة التطور التكنولوجي، كما ذكرنا في بداية مقالنا هذا، فاقت سرعة التطور القانوني.

لذا، فقد أصبحت المسؤولية الملقاة على مؤسسات الإعلام الرسمي اليوم مُضاعفة، وذلك للحاجة الى برامج تدريب لإدخال الذكاء الاصطناعي وأدواته في إنتاج المحتوي الإعلامي، وتعزيز الرؤية الأخلاقية، وفتح المجال للتدريب الصحافي على استخدام تلك الأدوات. والنقطة الأهم هي الشفافية والإفصاح عندما يكون المحتوى مُعدّلا أو خضع للتعديل بالذكاء الاصطناعي، والالتزام بالجودة العالية من الدقة والإنصاف. وذلك لاستعادة الثقة بين الجمهور ووسائل الإعلام.

وللحديث بقية...

كلمة أخيرة...

بعض الدول الآسيوية تعاملت مع انتشار فيروس الإنفلونزا وكأنه «كورونا»، فحوّلت الدراسة الى نظام «أونلاين»، وحفزت الموظفين على تجنّب الازدحام في مواقع العمل. وبذلك قلّ عدد الإصابات، ولم تتكدس المستشفيات بالأطفال وكبار السن المصابين بالفيروس، واستفاد النظام التعليمي من التجهيزات الخاصة بالتحول الى «أونلاين»...

ألم يكن بالإمكان فعل ذلك، وتجنّب ذلك الارتفاع غير المسبوق بالإصابات؟!