في سبعينيات القرن الماضي، قرأت في عدد من مجلة العربي الكويتية الرائدة قصة حملت دهاءً لا يُصدق. وكانت القصة ضمن سلسلة «جرائم لم تكتشف»، امرأة فرنسية، ناعمة الملامح، باردة الأعصاب... لكن في داخلها أنثى تشتعل خيانةً وغضباً، علمت أن زوجها يخونها مع امرأة أخرى، لم تصرخ، لم تهدّد، لم تُظهر دمعة واحدة، بل دخلت المطبخ بهدوءٍ قاتل، وأمسكت فخذ لحمٍ مجمّد، وبضربةٍ واحدة أسكتت قلبه الذي خان، ثم، بكل برودٍ أنثويٍّ محسوب، غسلت فخذ اللحم من الدم، تبّلته بالبهارات، وأدخلته الفرن.
تحوّل سلاح الجريمة إلى وجبةٍ تفوح رائحتها شهية! غادرت المنزل تتسوّق كعادتها... عادت بعد ساعات، لتصرخ وتبكي وتُبلغ الشرطة: «زوجي... مقتول!» دخل المحققون، ووقف الطبيب الشرعي فوق الجثة، وقال: «الوفاة بسبب الضرب بجسمٍ صلبٍ راضٍ»، لكن لا أثر للسلاح... ولا دليل على الأداة، كل شيء كان طبيعياً، حتى دموع الزوجة التي بدت صادقة حدّ الإقناع، وقبل أن يغادروا قالت بصوتٍ منكسرٍ ناعم: «من فضلكم، لقد كان يحب فخذ اللحم هذا... لا أستطيع أن أراه يبرد، كُلوا أنتم عنه»، جلسوا جميعاً... أكلوا بشهية سلاح الجريمة ذاته، بينما كانت هي تراقبهم بابتسامةٍ صغيرةٍ تُخفي عالماً من المكر والذكاء البارد.
انتهت القضية دون اتهام، ومضت السنوات حتى سقطت الجريمة بالتقادم. حينها فقط، روت القاتلة قصتها بفخرٍ صامتٍ، وكأنها تقول: «الذكاء... هو أن تجعل العدالة تأكل دليلك». في النهاية، لم تكن الجريمة كاملة... بل كانت امرأة كاملة الحيلة. وهنا يتنهد الشاهد الصامت قائلاً: «أخطر ما في الجريمة ليس الدم... بل العقل الذي يخطط دون أن يرتجف»... دمتم بود.