كتاب الباحث حمد الحمد مساهمة قيمة في دراسة عدوان أغسطس 1990 على الكويت، الذي أمر به وقاده دكتاتور العراق آنذاك. وكان الغزو كما هو معروف، مفاجأة كبرى للكويت التي اعتادت بعض الأزمات والمشاكل مع العراق، لم يصل أي منها إلى ما جری في 1990.

كتاب الحمد «يوميات أسابيع الغزو» ليس محاولة لتحليل ما جرى في تلك الأيام الصعبة القاسية، بل هو في الأساس عرض لتلقائية الشعب الكويتي، وبخاصة من قرر الصمود والبقاء رغم كل المخاطر بالبلاد، في التعايش مع الأحداث والمخاطر ومع سياسات قائد شرس لا ينتمي إلى القيم المدنية والعسكرية، لا في العراق ولا بالعالم الحديث، متأملاً كما يقول المحللون بأن يحل المشاكل المالية للعراق التي راكمتها حروبه والأزمات التي نجمت عن مغامراته الداخلية والخارجية، وبخاصة الإنفاق العسكري المذهل في الحرب العراقية - الإيرانية على امتداد ثماني سنوات، وفي بناء القصور وصور الترفيه وغيرها في مدن ومناطق العراق المختلفة. 

الكتاب يعرض نماذج حية من حياة الصامدين ممن قرروا البقاء في الكويت، عن إرادة أو اضطرار، بعد أن فاجأهم الحدث الكاسح الكبير، غير المتوقع وغير المعروف النتائج، في بلد كان الكثيرون من سكانه في إجازة صيفية خارجه، ومن كان في الداخل تصدمه أهوال رؤية الدبابات والمجنزرات والبيانات العسكرية، وسرعة توالي الأحداث وخروج القيادة السياسية وغير ذلك.

Ad

ومما لا يزال بحاجة إلى شرح في الإجراءات العراقية العدوانية وجود كل هذه الثغرات في الأحداث وسوء التنفيذ وارتجال التحرك برمته! 

غير أن الغزو العراقي للكويت هز العالم يوم ذاك بأكمله، كما يقول الكاتب الذي لم يكن هو نفسه في الكويت: «وفي الساعة السادسة صباحاً تلقيت مكالمة من قريب يقول لي: جيش صدام دخل الكويت»، ويضيف الحمد: «قلت له تقصد الحدود؟»، قال: «لا... داخل الديرة»، شعرت لحظتها وكأن الزمن توقف بي... وكان السؤال: ما العمل؟!

عندما فضلت العودة إلى منزلي في «مشرف» من البنك في الجابرية، يقول الأديب د. سليمان الشطي، أحد الذين يعرض الكتاب شهاداتهم، «شاهدت سرب طائرات هليكوبتر عراقية تحلق على مستوى منخفض فوق الدائري السادس، وكانت أبوابها مفتوحة، بحيث كنت أشاهد الجنود، عندها فضلت العودة إلى البيت. كان هذا هو اليوم الأول الذي عشنا فيه حالة ذهول وعدم تصديق، اتصالات لا تنقطع، ولا نعرف بالضبط ما الذي يجري أو لا نريد أن نصدق... كان يوماً كئيباً إلى حد لم يعد لي مزاج لأي شيء... كل شيء قد سقط وتهاوى». شقيق د. سليمان الشطي «سلطان» العامل في «أمن الإذاعة». اعتقله الجنود العراقيون للتحقيق وطلبوا منه الاستلقاء على الأرض! «المشكلة أنه كانت في جيبه قصيدة وصلته بالليل، وفيها سب لصدام، فأخذ يقطعها وهي في جيبه ليتخلص منها».