ندرك تماماً ولا أحد يشكك في أهمية المنتخب الوطني لكرة القدم، ولا في ضرورة تهيئة كل الأجواء الملائمة له قبل أي استحقاق رسمي، لا سيما إن كانت لبطولة بحجم كأس العرب بشكلها الجديد، ونتفهم حجم الطموحات المعلقة عليه من جماهير تتوق للعودة إلى الواجهة في المسابقات الإقليمية أو القارية والعالمية، بعد سنوات من الغيابات والإخفاقات. لكن في خضم هذا الاهتمام المبرر، يجب ألا نغفل عن نقطة مهمة جداً، وهي استمرار المسابقات المحلية، التي يمكن تعليقها في أي وقت دون تقدير لأثر ذلك على الفرق واللاعبين غير الدوليين.
اليوم، أمامنا واقع غير متوازن، فتعليق الدوري أو تجميده لأجل الاستعداد لمباراة تصفوية واحدة قد نتأهل منها أو لا، مقابل توقف تام لكل الأنشطة الكروية الرسمية يخلق فجوة زمنية قاتلة في منظومة كرة القدم المحلية، ويضر باللاعبين غير الدوليين الذين يفقدون لياقة المباريات الرسمية والتنافسية. فالفريق الذي لا يلعب يتراجع، واللاعب الذي لا ينافس يصدأ، والجماهير التي لا تتابع تصاب بالفتور.
كان من المفترض أن تُدار الأمور بحكمة تضمن الاستعداد الجيد للمنتخب من دون أن تدفع الأندية واللاعبون ثمن هذا التحضير، فمن المهم أن تكون هناك خطة واضحة توازن بين الإعداد الجاد للمنتخب وبين استمرار عجلة الدوري بالدوران أو إيجاد البديل الحقيقي المحفز. فالمباريات الودية بين الأندية وإن كانت متاحة، فإنها لا تُغني عن المنافسات الرسمية ولا توفر نفس الضغط الفني والمعنوي. والنتيجة أن الأندية تقف متفرجة، وتخسر نسقها، وتُجبَر على إعادة البناء كل مرة بعد التوقف.
لا نطالب بأن يُترك المنتخب دون اهتمام، بل العكس، لكن نطالب أن يكون هذا الاهتمام متوازناً لا يلغي بقية أطراف اللعبة. الاتحاد مطالب بخطة تحافظ على دوران العجلة، حتى مع ارتباط المنتخب، وهو أمر مطبق في معظم دول العالم، أما أن تُجمد الحياة الكروية بالكامل من أجل «أمنية تأهل»، فهذا عبث تنظيمي يجب أن يُراجع.
بنلتي
من أجل منتخب قوي، نحتاج إلى دوري لا يعرف التجميد، ولا يعاني من التقطيع، ولا يتوقف بعد كل صافرة، لأن المنتخب يعيش من نبض المسابقات، لا من فراغ التوقفات، والجاهزية لا تُكتسب في المعسكرات وحدها... بل تُصنع في الملاعب، كل أسبوع.