طوال النصف الأول من القرن العشرين، كانت الكوميديا فناً جماعياً يعتمد على الثنائيات: غالاغر وشين في الفودفيل، ولوريل وهاردي في السينما، والأخوان ماركس على المسرح، وكروسبي وهوب في سلسلة «الطريق إلى...»، ودين مارتن وجيري لويس في أفلامهما الشهيرة. حتى برنامج «Laugh-In» في الستينيات حافظ على روح الثنائي الكوميدي— إلى أن توقَّف عام 1973، معلناً نهاية هذا الشكل الفني.كانت ثنائيات الماضي تركِّز على الإضحاك الخالص، من دون أي عُمق اجتماعي أو نقد سياسي. فمشهد «من على القاعدة الأولى؟» لآبوت وكوستيلو عام 1937 مثال على كوميديا ذكية، لفظية، لكنها بريئة من أي معنى اجتماعي. ومعها كانت النكات اللطيفة عن البيض والكعك والارتباك اليومي تمثل جوهر الضحك الأميركي البريء.لكن منذ منتصف الستينيات، تغيَّر المزاج الثقافي، وبدأت الكوميديا تعكس روح «عقد الأنا»، الذي وصفه توم وولف، مستلهمة جرأة ليني بروس، وظهر جيل جديد من الكوميديين المنفردين، مثل: ريتشارد برايور، وبيل كوسبي، وجورج كارلين. لم يعودوا بحاجة إلى شريك يردّ عليهم النكات، صاروا هم وحدهم الممثل والكاتب والناقد.تحوَّل الضحك إلى مرآة للنفس والمجتمع. أصبح لاذعاً وأكثر وسخرية: كارلين هاجم العالم، وبرايور وكوسبي حوَّلا تجارب الطفولة والعرق إلى مادة للضحك الذكي، ورودني دانجرفيلد جعل من جلد الذات أسلوباً كوميدياً. كانت الكوميديا الجديدة أكثر وعياً بذاتها، وأكثر جرأة في نقد الواقع الأميركي.وعندما صعد ديف شابيل في التسعينيات بمزيجه من العُمق السياسي والضحك العفوي، كان التحوُّل قد اكتمل: انتهى زمن «الثنائي المرح»، ووُلِد فن «الوقوف وحيداً»- الكوميديا الفردية التي تسخر من العالم من خلال ذاتها.* غريغ أوبيلكا كاتب وملحن لمسرحيات موسيقيةلا
مقالات - اضافات
كيف أصبحت الكوميديا (أحادية)؟
13-11-2025