نشرت «الجريدة» في 9 الجاري خبراً مهماً ومشجعاً عن التزام الكويت الثابت «بمبادئ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ودعمها المتواصل للأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد وجهودها الرامية إلى تعزيز النزاهة وبناء القدرات المؤسسية على المستويين الوطني والدولي».
وتندرج اتفاقية الأمم المتحدة ضمن جهود المجتمع الدولي لمكافحة الفساد، ونجد في المقابل عدة جهود في هذا النطاق قامت بها منظمات إقليمية ومن بينها جامعة الدول العربية، حيث تم في عام 2010 اعتماد الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، وقد صادقت دولة الكويت على هذه الاتفاقية عام 2013. وكانت قد أسست عام 2008، الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد. واهتمت بدورها منظمة التعاون الإسلامي بمكافحة ظاهرة الفساد، حيث تم في عام 2024 اعتماد اتفاقية مكة المكرمة للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي للتعاون في مجال إنفاذ القوانين بهدف حماية النزاهة ومكافحة الفساد.
وليسمح لي القارئ الكريم أن ألفت الانتباه إلى جهود منظمة إقليمية أوروبية وهي منظمة مجلس أوروبا، ومقرها في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، والتي تضم في عضويتها 46 دولة أوروبية، بخصوص مكافحة الفساد، والأهم التذكير بالإمكانات المتاحة للدول غير الأعضاء في المنظمة للتعاون معها في سبيل مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة المتمثلة في الفساد وما يترتب عليها من نتائج سلبية.
ولنبدأ بذكر ما تم اعتماده من وثائق في هذه المنظمة بخصوص مكافحة الفساد، وما تم تأسيسه من هيئات تعزز هذه المكافحة. فقد تم اعتماد:
- الاتفاقية الجنائية بشأن الفساد عام 1999، وبدأ تطبيقها عام 2002.
- بروتوكول مضاف إلى الاتفاقية الجنائية بشأن الفساد عام 2003، وبدأ تطبيقه عام 2005.
- الاتفاقية المدنية بشأن الفساد عام 1999، وبدأ تطبيقها عام 2003.
اللافت للنظر أن هذه الوثائق القانونية الثلاث مفتوحة للانضمام إليها من طرف دول غير أعضاء في منظمة مجلس أوروبا. مما يعني أن الإمكانية متاحة لكل دولة عربية تسعى لتعزيز مكافحة الفساد، بغضّ النظر عن كونها عضواً أو غير عضو في هذه المنظمة، للالتزام بهذه الوثائق بغرض الاستفادة مما تتضمنه هذه الوثائق من مواد وآليات على المستويين الجنائي والمدني لمكافحة الفساد.
وقامت منظمة مجلس أوروبا، وقبل اعتماد هذه الوثائق المهمة، باعتماد المبادئ التوجيهية لمكافحة الفساد عام 1997، كما اتخذت لجنة وزراء منظمة مجلس أوروبا عام 1999 قراراً عملياً بتأسيس مجموعة الدول ضد الفساد. وتقوم المجموعة بقصد تحقيق أهدافها، وحسب ما نص عليه نظامها، بمتابعة تنفيذ الدول الأعضاء فيها للالتزامات التي تنص عليها مجموعة من الوثائق الدولية والإقليمية بقصد مكافحة الفساد وآثاره السلبية والخطيرة على الأفراد والمجتمعات والدول.
يجب الانفتاح على جهود المنظمات الإقليمية ومنها الأوروبية في مختلف المجالات التي تتعلق مثلاً بقضايا الفساد وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وليس الاقتصار فقط على جهود منظمة الأمم المتحدة التي لا ننكر أهمية جهودها ولا نقلل من إنجازاتها الرائعة، والمجتمع الدولي يحتفل في هذه الأيام بمرور ثمانية عقود على تأسيسها.