توّج الرئيس أحمد الشرع زيارته غير المسبوقة لأي رئيس سوري على الإطلاق إلى البيت الأبيض بلقاء تاريخي مغلق استمر أكثر من ساعة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب حصل فيه على وعود بدعمه ومساعدته مع جملة من مطالبه الملحّة، وفي مقدمتها تعليق قانون قيصر والعقوبات الاقتصادية والدبلوماسية ودعم إعادة الإعمار، فضلاً عن فتح الباب أمام عودة سورية من عزلتها إلى مركز اللعبة الدولية بضمها للتحالف الأميركي لمواجهة تنظيم «داعش».

وبعد اللقاء الأول من نوعه منذ استقلال سورية عام 1946، كتب الرئيس الأميركي، على منصته «تروث سوشيال»، «لقد تشرفت بقضاء وقت مع الرئيس الجديد لسورية، وناقشنا جميع تعقيدات السلام بالشرق الأوسط، وهو من أشد الداعين إليه»، معتبراً أن «استقرار سورية ونجاحها أمر أساسي لمستقبل الشرق الأوسط». 

وقال ترامب: «الشرع قائد قوي جداً، قادم من بيئة صعبة، ورجل حازم. أنا معجب به وأتفق معه، وسنبذل قصارى جهدنا لإنجاح سورية». وأضاف أن الماضي الصعب للشرع قد يكون مؤهلاً ليقوده إلى المستقبل، مؤكداً أن «كلنا مررنا بماضٍ قاسٍ، ولكن ما يهم هو ما نفعله اليوم من أجل غدٍ أفضل».

Ad

وقال ترامب: «الجميع يتحدث عن المعجزة الكبرى التي تحدث في الشرق الأوسط، وأنا أؤمن أن سورية ستكون جزءاً أساسياً من هذه المعجزة». وأكد ترامب أنه سيدعم سورية في مرحلة إعادة الإعمار.

كما أكد ترامب بعد الاجتماع الذي جرى بعيداً عن الكاميرات، أن رفع العقوبات بشكل كامل مرهون بقرار الكونغرس، لكنه حريص على إنهاء الإجراءات التي تعوق التعاون مع دمشق في ملفات مكافحة الإرهاب والاستقرار الإقليمي.

وفي مقابلة مع «فوكس نيوز»، قال الشرع إن اللقاء مع ترامب يُمثل بداية لعلاقات استراتيجية جديدة، موضحاً أنه تناول رفع العقوبات الاقتصادية، ومستقبل التعاون في مجالات الاستثمار والطاقة وإعادة الإعمار، مشيراً إلى أن سورية لم تعد تشكل تهديداً للولايات المتحدة، بل أصبحت حليفاً جيوسياسياً.

وأكد الشرع أن سورية كانت معزولة عن العالم طوال 60 عاماً، وأن هذا اللقاء أنهى حقبة طويلة من القطيعة بين دمشق وواشنطن، مشيراً إلى أن سورية الآن تدخل مرحلة جديدة تعتمد على الانفتاح والاعتدال.

وعن ماضيه وعلاقته السابقة بالجهاديين، قال الشرع: «الارتباط بالقاعدة أصبح أمراً من الماضي. الرئيس ترامب لم يناقش ذلك معي إطلاقاً، لأننا نتحدث عن الحاضر والمستقبل، لا عن الماضي». أضاف: «اليوم أنا رئيس أعمل من أجل السلام والمصالحة، ولست جزءاً من الصراعات القديمة».

وحول احتمال الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام مع إسرائيل، قال الشرع إن التطبيع ليس مطروحاً حالياً، لأن وضع سورية مختلف عن الدول التي وقعت تلك الاتفاقيات، فهي تتشارك حدوداً مع إسرائيل التي تحتل الجولان منذ عام 1967.

وفي إطار زيارته لواشنطن، عقد الشرع جلسة مطولة مع كبار المحررين في صحيفة واشنطن بوست، تناولت رؤيته لمستقبل سورية، مؤكداً أنها ماضية في المصالحة الداخلية وإعادة الإعمار والانفتاح على العالم.

وعلى هامش زيارة الشرع، أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، لنظيريه السوري أسعد الشيباني والتركي هاكان فيدان، دعم الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق أمني بين إسرائيل وسورية.

وفي خطوة وُصفت بأنها الأكبر منذ أكثر من عقد، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تعليق العمل مؤقتاً بقانون قيصر لمدة 180 يوماً، تمهيداً لمراجعته في الكونغرس. 

ولاحقاً، أعلن وزير الإعلام السوري حمزة مصطفى أن سورية وقعت اتفاق تعاون سياسي مع التحالف الدولي، لتصبح العضو رقم 90 في مهام مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار الإقليمي، مشيراً إلى أن الاتفاق ذو طابع سياسي بحت في المرحلة الأولى.